IBRI Research Report #2 (1980, 1990)

المشكلة الإزائية:مقترح لتناول الأدلة الداخلية و الخارجية

روبرت س نيومان

المعهد اللاهوتي للكتاب المقدس

هاتفيلد، بنسلفانيا

حقوق الطبع و النشر �1980، 1990 لـ روبرت س نيومان. جميع الحقوق محفوظة.

  

ملاحظة من المحرر

على الرغم من إتفاق الكاتب مع البيان العقائدي لمعهد بحوث الكتاب المقدس القائمة على تخصصات عديدة (IBRI)، إلا أن هذا لا يعني أن جميع وجهات النظر التي دونها الكاتب في هذه المقالة تمثل المواقف الرسمية للمعهد. و حيث أن إحدى أهداف سلسلة التقارير التي ينشرها معهد IBRI، هو أن تكون بمثابة منتدى للمناقشة قبل الطباعة، لذلك فمن المحتمل أن يكون الكاتب قد نقح بعض جوانب هذه المقالة وقام ببعض التعديلات فيها، منذ أن قام بكتابتها لأول مرة.

رقم الكتاب القياسي الدولي (ISBN): 0-944788-02-5


 

مقدمة

منذ وقت مبكر في تاريخ الكنيسة، كانت الأسئلة المطروحة بشأن العلاقات المتبادلة بين الأناجيل الإزائية، متى و مرقس و لوقا، مصدراً للقلق.  و بالفعل في وقت متأخر من القرن الثاني قام تاتيان بتأليف مؤلفاً متناغماً جمع كل الأناجيل القانونية الأربعة في سرد واحد[1]. و في القرن الرابع، قدم أوسابيوس مجموعة من الجداول و التي بها يمكن للمرء معرفة ما إذا كانت أي فقرة واردة في الأناجيل لها ما يقابلها من الفقرات الأخرى، وإذا كان الأمر كذلك، أين تقع هذه النصوص [2]. و يبدو أن أول محاولة لافتراض وجود علاقة أدبية محددة بين الأناجيل الإزائية الثلاثة هى التي لأوغسطينوس (400 م)، و هو الذي اقترح أن مرقس قام بإختصار متى، و أن لوقا استخدم كل من متى و مرقس في تأليف إنجيله.[3[

لكن سقوط الإمبراطورية الرومانية قد أوقف مثل هذه الدراسات. و بعد الإصلاح، تم استئناف إنتاج العديد من التوافقيات الإنجيلية متعددة الأعمدة. و من ثم، ظهرت خلال القرن التاسع عشر، العديد من النظريات المتنافسة لشرح أصل الأناجيل، استناداً إلى أوجه التشابه و الاختلاف بينها في المحتوى و الترتيب و التعبير/النص. و إرْتَأت بعض هذه النظريات الأناجيل على أنها تعتمد اعتماداً كلياً على مصادر شفهية؛ بينما إرْتَأت النظريات الاخرى، بالإعتماد الكلي على مصادر مكتوبة. إلا أن البعض الآخر من النظريات، نادت بالإعتماد تقريباً على مزيج من الاثنين. و إرْتَأى البعض الأناجيل القانونية المبكرة كمصادر لتلك المتأخرة. و يمكننا أن نجد علماء مدافعين عن مثل هذه النظريات المنادية بالإعتماد المتتابع لكل ترتيب محتمل لكتابة الأناجيل. و رأى آخرون أن الأناجيل تعتمد على مصدر أو أكثر من المصادر الافتراضية المكتوبة و التي لم يتم العثور عليها. و تراوحت هذه المصادر من إنجيل واحد مكتوب، و الذي اعتمدت عليه كل الثلاثة الإزائية، إلى عدد كبير من الأجزاء المكتوبة، بعضها استخدمته كل الأناجيل القانونية، والبعض الآخر استخدمته ثلاثة أو اثنين أو واحد فقط منها. [4[

و في بداية القرن العشرين، كان هناك نوعاً من الإجماع لصالح ما يسمى بنظرية الوثيقتين. و بحسب وجهة النظر هذه، تم إعتبار إنجيلي متى و لوقا كروايات ثانوية معتمدة إلى حد كبير على استخدام مستقل لوثيقتين: هما مرقس و مصدر افتراضي أخر معرودف عادة بالوثيقة Q. و في بعض الأحيان، تم التوسع في هذه النظرية، بإضافة مصادر مكتوبة أو شفهية أخرى، تخلت عن الأدلة الخارجية للتقليد و التي تذكر أن إنجيل متى كان أول الأناجيل كتابةً، لصالح الأدلة الداخلية التي تشير لأنجيل مرقس على أنه الرواية الأكثر قدماً. و كان يُعتقد أن المادة المشتركة في كل من متى و لوقا و الغير موجودة في مرقس، أنها الدليل على هذا المصدر Q، أو مجموعة أقوال يسوع المبكرة. و وجد البعض دليل خارجي عليها في "اللوجيا" المذكورة من قبل بابياس (سنة 130 م)، و التي فُهمت بشكل مختلف في وقت لاحق من قبل آباء الكنيسة على أنها اشارة إلى إنجيل متى.

و لقد طغت نظرية الوثيقتين على دراسات العهد الجديد البروتستانتية والعلمانية منذ ذلك الحين، على الصعيدين الليبرالي و (بدرجة أقل) المحافظ[5]. و لقد توغلت هذه النظرية في الدراسات الكاثوليكية، [6] على الرغم من الشأن الكبير للتقليد لدى الكاثوليك. و مراراً ما اعتبرت فكرة كتابة إنجيل مرقس أولاً واحدة من "النتائج المضمونة" للابحاث المتعلقة بالإنجيل. [7]

ومع ذلك، و في الآونة الأخيرة، تجدد الجدل حول المشكلة الإزائية؛ حيث تعرضت فكرة أسْبَقِيّة مرقس و وجود الوثيقة Q للكثير من الهجوم. و جاء إنكار، أن إنجيل مرقس كان أول إنجيل مكتوب، بواسطة باسل س بتلر (1951)، [8] باركر بيرسون (1953)، [9] وليام ر فارمر (1964)، [10] توماس لونغستاف (1967)، [11 ] كزافييه ليون دوفور (1968)، [12] إدوارد ب ساندرز (1969)، [13]جابوري أ (1970)،[14]روبرت ل ليندسي (1970)، [15] ديفيد دونغان (1975)، [16] وبرنارد أوركارد (1976) [17]. و بالرغم من كون حوالي نصف هؤلاء من الكاثوليك، إلا أن العديد منهم بروتستانت ليبراليين. فقط بتلر يفضل نظرية أوغسطينوس للإعتماد المتتالي (متى أولاً، ثم مرقس، ثم لوقا). و عدد منهم (فارمر، ونغستاف، أوركارد، دونغان) يؤيدون نظرية جريسباخ (متى أولاً، ثم لوقا، ثم مرقس)، و التي تشهد انتعاشاً قوياً.

و عموماً، فإن الذين يهاجمون نظرية مرقس (أسْبَقِيّة كتابة مرقس) يشكون أيضاً في وجود الوثيقة Q . بالإضافة إلى ذلك، هناك أولئك الذين يقبلون أسبقية مرقس و لكن لا يرون حاجة لإفتراض وجود الوثيقة Q. و يشمل هؤلاء أوستن فيرر (1955)، [18] أ و أرجايل (1964)، [19] ر تسيمبسون (1966) [20] ونايجل تيرنر (1969)[21]. ومن المشكوك فيه أن نظرية الوثيقتين تم الإطاحة بها حتى الآن، على الرغم من أنه يبدو جورج و. بوكانان كما لو كان يعتقد هكذا [22]. ومن المؤكد، فإنه يمكننا القول بشكل مَأمُون أنه لا يوجد بديل يحل محلها حتى الآن.

في هذه المقالة، نود أن نتفحص كل من الدليل (أو الظواهر) الداخلية للمشكلة الإزائية و الدليل الخارجي، و إلى حد كبير التقاليد حول كتابة الأناجيل التي قدمها آباء الكنيسة الأوائل. و سنسعى لتقييم مختلف النظريات الإزائية في ضوء هذه الأدلة، و من ثم نقوم بتقديم بعض المقترحات للتوصل إلى حل ممكن.

 

الدليل الداخلي

يعتبر الدليل الداخلي المتعلق بالمشكلة الإزائية معقداً و مربكاً. وبالتالي فهناك إغراء شديد للقيام بالتعميمات المبالغ في تبسيطها، و بناء نظرية واحدة، و من ثم تجاهل أي حقائق مستعصية أو حملها على الإنْصِيَاع. أما و قد قلنا هذا، و مع ذلك، لدينا مساحة فقط للقيام بعمل مسودة مؤقتة للبيانات! في الأساس، يمكننا تقسيم هذه البيانات إلى ثلاث مجموعات، في كل منها تُظهر الأناجيل الإزائية أوجه التشابه و أوجه الإختلاف. هذه المجالات هي: (1) المحتوى، لكل من الحوادث الرئيسية والتفاصيل؛ (2) الترتيب، ما بين الحوادث و داخل الحوادث نفسها؛ و (3) الصياغة، لكل من المفردات و الأشكال النحوية الخاصة. و لقد قام الفورد بوضع تلخيص جيد للأمر منذ أكثر من قرن مضى:

و ستكون الظواهر المقدمة كثيرة كما يلي: أولاً، ربما، سيكون لدينا ثلاثة، خمسة أو أكثر من الكلمات المتطابقة. ثم نصل إلى العديد من الكلمات المتمايزة تماماً؛ ثم بندين أو أكثر، يُعرب عنهما في نفس الكلمات، ولكن بترتيب مختلف. ثم بند يرّد في واحد أو اثنين وليس في الانجيل الثالث؛ ثم عدة كلمات متطابقة. ثم فقرة ليست فقط متمايزة تماماً، ولكن تبدو متعارضة؛ وهكذا دواليك، مع تكرار نفس التعديلات و التطابقات والتبديلات الإعْتِباطِيّة والشاذة. و لا ينطبق هذا الوصف على ترتيب الكلمات و الجمل فقط؛ ولكن أيضاً، مع تعديل طفيف، ينطبق على أجزاء أكبر من السرد[23].

دعونا ننظر أولاً للمحتوى. في ضوء حقيقة أن يوحنا يتحدث عن عدد هائل من الأحداث أثناء خدمة يسوع (يو 20:30، 21:25)، و ما يثير الدهشة هو مقدار التداخل الموجود بين الاناجيل الثلاثة الإزائية. وبطبيعة الحال، فإننا نتوقع تداخل فيما يخص الأحداث الفريدة والهامة في خدمة يسوع، مثل معموديته و التجربة، اشباع الخمسة آلاف، واعتراف بطرس، التجلي، دخولهالمنتصر لأورشليم، والمحاكمة والموت والقيامة.  و نتوقع أيضاً التداخل في الملامح العامة لشخصيته مثل شعبية يسوع، أعمالهالمعجزية، و تعاليمه من خلال الأمثال، والمعارضة المتزايدة من قبل القادة. و ما يثير الدهشة، هو العرض الإزائي الإجماعي لبعض المعجزات المحددة مثل شفاء حماة بطرس (13، 47)، [24] والأبرص (45)، والمفلوج (52)، الرجل ذي اليد اليابسة (70)، وبارتيماوس الأعمى (193)، و ذلك لأن يسوع لابد و أن قام بالمئات أو الآلاف من معجزات الشفاء خلال سنوات خدمته. تقدم أيضاً الأناجيل الثلاثة جميعها، مثل الزارع (90)، مع أسباب تعليم يسوع بالأمثال (91)، وتفسير مثل الزارع (93)، وأمثال الكرامين الأشرار (204) وشجرة التين (220)، وسؤال حول الصيام (54)، و قطف الحبوب في يوم السبت (69)، الخلاف حول من هو أعظم (129)، يبارك الأطفال الصغار (188)، والشاب الغني (189)، وثلاثة تنبؤات عن موت يسوع (122، 127، 191)، ناهيك عن حوادث أخرى.  و هناك، بالإضافة إلى ذلك، العديد من الحوادث المكررة في اثنين من الأناجيل الثلاثة. هذا هو على النقيض تماماً من التداخل الأصغر بكثير مع إنجيل يوحنا، الذي هو أشبه بما يتوقعه المرء بشكل سابق. هذا التشابه الوثيق في المحتويات يوحي بطبيعة الحال أن الأناجيل الإزائية تعتمد على واحد منها، أو على مصدر عام مشترك،  و هو الذي قامت الأناجيل بإختيار مجموعة محددة من بين المواد الأوفر.

و لو حاولنا تصوير هذا التداخل في المحتوى باستخدام عدد الآيات المستخدمة (الأرقام تقريبية لأنه ليس بالضرورة أن الفقرات المتوازية لها نفس عدد الآيات)، يمكن تقديم البيانات في رسم بياني باستخدام ثلاث دوائر متداخلة، كل منها يمثل واحد من الأناجيل[25]. و يمثل القسم المظلل النصوص التي تتشارك فيها كل الثلاثة أناجيل الإزائية، حوالي 480 من الآيات موجودة في كل منهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك ما يقرب من 300 آية مشتركة بين اثنين من الثلاثة، الاكثر بين متى ولوقا، إلى حد ما أقل بين متى ومرقس، قليلاًبين مرقس ولوقا.  و أبرزها هو حقيقة أنه على الرغم من أن كل من متى و لوقا لديه نصوص كثيرة لا توجد إلا في واحدة منها، إلا أن مرقس لديه القليل جداً من الأقسام التي لا توجد في أي أو كلا الآخرين. وقد فسر البعض هذا كدليل على أن لوقا ومتى يستخدمان مرقس (نظرية الوثيقتين)، ولكن البعض الآخر يقول أن مرقس استخدم متى و لوقا، مع التركيز على المواد المتوازية بينهما (فرضيةجريسباخ). كلاهما يتفق مع هذه البيانات، ولكن و لا واحد منهما ضروري لها ....

 

Venn


و تعتبر مناقشة التفاصيل المتعلقة بالمحتوى خارج نطاق هذه المقالة. و يمكن فقط لدراسة متأنية للأناجيل في أعمدة متوازية أن تكون كافيةلتحسس البيانات. وهي تتراوح ما بين تشابه مذهل في بعض النقاط (على سبيل المثال، بهذه التصريحات بين قوسين "قال للمفلوج" (52) و "فليفهم القارئ" (216) إلى خلافات حادة في حالات أخرى (على سبيل المثال، عدد كل من الملتبسين بالارواح الشريرة (51 و 106)، الرجال العميان (193)،الصياح (241) والملائكة (253)). الحالات الأولى تقف ضد نظريات المصدر الشفهي، والأخيرة ضد نظرياتالمصدر المكتوب.

فيما يلي، دعونا ننظر دليل الترتيب، سواء في الحوادث الرئيسية (بريكوبس "فصول") وفي التفاصيل الداخلية للحوادث. كتبت العديد من الصحف عن هذا الموضوع في السنوات الأخيرة: بوروبكان (1964)، [26] هونور (1968)، [27] ساندرز (1969) [28] وتايسون (1976) [29]. تتفق الأناجيل الإزائية في الترتيب العام للأحداث في خدمة يسوع: و هو (1) بدأ خلال خدمة يوحنا المعمدان، (2) انتقل إلى الجليل، (3) ثم إلى اليهودية، (4) و أخيرا إلى أورشليم، حيث تألم و صلب و مات و قام من بين الأموات. و لكن هناك اتفاق أكثر بكثير من هذا. دعونا نلقي نظرة على الترتيب بمزيد من التفصيل.

و لا يمكن أن يقال شيء حول ترتيب حوادث خاصة بإنجيل ما و لم تذكر في غيره. تتكون الآيات الـ 480 حيث يتداخل متى و مرقس و لوقا (غالباً ما تسمى التقليد الثلاثي) من 72 فصل أو موضوع.  يلاحظ بوروبكان أن الـ 42 منها المدرجة في الفترات (1)، (3) و (4) المذكورة أعلاه، تحدث في نفس الترتيب في جميع الأناجيل الثلاثة. و الفصول الـ 30 في الفترة (2)، خدمة الجليل، هي في الأساس في نفس الترتيب، رغم أن هناك عدد قليل من الأماكن حيث يختلف إما متى أو لوقا بشكل فردي عن ترتيب مرقس و الإنجيل الآخر. و باستخدام روبرتسون [30] أجد أربعة أماكن حيث يختلف متى و ثلاثة حيث يختلف لوقا. ومن الجدير بالذكر أنه، على مستوى الفصول، لا يتوافق متى و لوقا أبداً ضد مرقس بإتباع ترتيب مختلف. و عادة ما نعتبر هذا اشارة إلى أن لوقا و متى استخدما مرقس بشكل مستقل (نظرية الوثيقتين)، و لكن وفقا لفرضية جريسباخ، أتى مرقس بترتيبه باتباعه لمتى و لوقا بالتناوب!

و لاحظ تايسون عند أخذ إثنين من الأناجيل في وقت واحد، أنه لا توجد اختلافات في ترتيب الفصول المشتركة بين متى و مرقس وحدهما، و لا في تلك التي يتقاسمها مرقس و لوقا وحدهما. على النقيض من ذلك، فإن معظم المواد المشتركة بين متى و لوقا وحدهما (الوثيقة Q في نظرية الوثيقتين) تقع بشكل مختلف في كل منهما. و يبدو هذا من الصعب إلى حد ما في نظرية أناجيل-أور، و التي فيها أن كل من الأناجيل الثلاثة حصلت بموادها بشكل مستقل من مصدر مكتوب واحد. و في هذه النظرية، نجد أنه من الصعب شرح كيف أن متى او لوقا تعاملوا مع المواد التي استخدماها و التي لم يستخدمها مرقس، بطريقة مختلفة عن التي عالجا بها النصوص التي يتشاركان بها مع مرقس. أولئك الذين يعتقدون أن لوقا استخدم متى أو العكس (على سبيل المثال، نظرية أوغسطينوس أو جريسباخ للاعتماد المتتالي) هم أيضا في ورطة هنا، لأنه يجب أن يفسروا لماذا نقل إنجيل واحد الكثير من المواد الموضوعه بالفعل في الآخر. و على النقيض من ذلك، تعالج نظرية الوثيقتين هذه الظاهرة بسهولة أكثر، حيث أن الفصول المشتركة بين متى ولوقا وحدهما أتت من مصدر آخر يدعى الوثيقة Q. لأنه من المفترض أن تحتوي الوثيقة Q معظم خطابات يسوع بدلاً من سرد قصصي لروايته، و زُعم أن متى و لوقا لم يكن لديهما أي معلومات حول المكان الذي يمكنهم وضعها فيه، لذا وضعوها لتتناسب بشكل مستقل في الروايات الخاصة بهم، وبالتالي نتجت الاختلافات في الترتيب. ومع ذلك، فإن مثل هذا الاستنتاج ليس من الضروري لشرح هذه المادة. و حيث أن يسوع كان معلماً متجولاً، فمن الأرجح أن الكثير من خطبه قد قُدمت في عدة مناسبات. و قد يُسجل كلا من متى ولوقا أيضاً تصريحات مماثلة في أوقات مختلفة.

و بالتطرق للنظر في مسألة الترتيب داخل الفصول، هناك العديد من الحالات الطفيفة من الاختلاف. و تعتبر التبديلات أكثر أهمية، و على هذا وجد هوكينز [31] 23 تبديل : 3 منها تنطوي متى مقابل مرقس، 11 متى مقابل لوقا، لا شيء من مرقس مقابل لوقا، 6 من متى ومرقس مقابل لوقا، 2 من مرقس و لوقا مقابل متى، و واحدة من متى و لوقا مقابل مرقس. و مع ذلك، فإن ساندرز، [32] يجد المزيد من الأمثلة حيث يتوافق متى و لوقا ضد مرقس. و إذا ما كانت صحيحة، فتعتبر هذه الحالات الأخيرة مزعجة لنظرية الوثيقتين. و من بين "الحالات الواضحة" الأربعة لساندرز، تعتبر واحدة منها التي لهوكينز (أعلاه) و الثانية تبدو ذات نفس القوة، و كلاهما تنطوي على ترتيب المواد داخل نفس الفصل. و بالنسبة للحالتين الأخرتين فإن لديهما بيانات متطابقة تقريباً تقع داخل فصول مختلفة. و على دعاة نظرية الوثيقتين شرح هذه كأمثلة لمواد متماثلة في الأصل في كل من مرقس و الوثيقة Q، حيث اتبع كلا من متى و لوقا أيضاً الوثيقة Q. و يقدم أيضاً ساندرز ثلاث حالات إضافية، و التي تبدو ضعيفة جداً في نظري.

و عموماً كانت حجة الترتيب واحدة من أقوى الحجج لنظرية الوثيقتين، و لكن يلاحظ ساندرز العديد من الحالات الأخرى التي إما: (1) المقاطع تُوضع بشكل مختلف في كل الأناجيل الثلاثة؛ (2) يختلف مرقس عن إنجيل واحد حيث لا يوجد لها مثيل في الأنجيل الآخر. أو (3) وضع متى و لوقا نفس المادة من Q في نفس المكان عند مرقس. و إلى الحد الذي تعتبر فيه هذه الأمثلة صحيحة، فيتوجب على المؤيدين لنظرية الوثيقتين إما أن يقوموا بتوسيع حجم الوثيقة Q حتى تتشابه مع أنجيل متى (التحرك نحو وجهة نظر أوغسطينوس أو جريسباخ)، أو يعترفون أن لوقا و متى لم يستخدما موادهمها بشكل مستقل (وبالتالي تخفيف أي حاجة لوجود الوثيقة Q).

دعونا ننظر فيما يلي للدليل اللفظي المتصل بالمشكلة الإزائية. فوفقاً لهونور [33] يوجد ما يزيد عن 10000 كلمة في مرقس و إلى حد ما هو أقل من 20000 في كل من متى و لوقا. و تتداخل جميع الأناجيل الثلاثة في فقرات تحتوي على حوالي 8000 كلمة. و إذا ما نحدد الاتفاق اللفظي على أنه استخدام نفس المفردات بنفس الشكل النحوي في فقرة مشتركة، فمن ثم يوجد في التقليد الثلاثي أكثر من 1800 اتفاق لفظي بين كل الأناجيل الثلاثة. بالإضافة إلى ذلك، هناك ما يقرب من 2000 اتفاق لفظي بين متى و مرقس، و أكثر من 600 بين متى و لوقا، و أكثر من 1000 بين مرقس و لوقا. و يحتوي الرسم البياني أدناه على الأرقام الدقيقة:

 

التوافق اللفظي بين الأناجيل الإزائية

 


توافق ثلاثي

توافق ثنائي

توافق كلي

لا توافق

عدد الكلمات الكلي

نسبة التوافق



متى

مرقس

لوقا





متى

1852

..

1908

637

4397

3939

8336

52.7

مرقس

1852

1908

00

1039

4799

3831

8630

55.6

لوقا

1852

637

1039

00

3528

4356

7884

44.7

 

و على الرغم من أننا نبحث فقط هنا عما يُسمى التقليد الثلاثي (المواد المتماثلة في كل الثلاثة أناجيل الإزائية)، فمن الواضح أن هناك هوية لفظية كبيرة في هذا الجزء من نصوص الإنجيل. بالتأكيد هذا ليس مجرد ذاكرة عارضة لحفظ هذه المواد. و لذلك، يجب على نظريات المصدر الشفاهي القيام بإفتراض بعض التطويرات، إما عن طريق الوحي المباشر والمساعدة الإلهية في التذكر (انظر يوحنا 14:26)، أو الحفظ (سواء عن ظهر قلب أو بسبب الاستخدام المتكرر). من ناحية أخرى، يعتبر هذا تَفَاوُتاً كبيراً جداً في عملية النسخ، لذلك يجب أن تتضمن نظريات المصدر المكتوب، تحريراً جوهرياً. و لا يمكن استبعاد أي بديل بواسطة الدليل اللفظي؛ فالمجتمعات القديمة تعتمد على الذاكرة أكثر بكثير مما نفعل؛[34] و كانت كتابة التواريخ لتلخيص و تحرير المصادر المكتوبة الموجودة ممارسة شائعة في الثقافة اليونانية الرومانية[35].

و بالنظر في التفاصيل أعلاه، نلاحظ أنه يوجد عند مرقس اتفاقات اكثر مما يوجد عند كل من متى و لوقا. و يقوم هونور بتحليلات إحصائية لهذه الظاهرة و لترتيب الحوادث. و يخلص إلى أن كل التحليلات تَصب في صالح مرقس كوسيط بين متى و لوقا، على افتراض أن اثنين من الأناجيل يستخدما الآخر أو الآخرين. يعتبر مرقس وسيطاً في ثلاثة مخططات:

figure 2


و هنا فإن المخططين (2) و (3) لهما
اثنين من البدائل، وهذا يتوقف على ما إذا كان هناك أيضاً استعارة مباشرة بين الإنجيل الأول و الثالث في كل مخطط. و من بين هذه المخططات، يعتبر المخطط (1) نظرية الوثيقتين (مع تجاهل الوثيقة Q)، و (2) هو نظرية أوغسطينوس للإعتماد المتعاقب. و لا يبدو أن شكل جريسباخ مفضلاً في هذا التحليل، ما لم نجادل أنه مجرد المخطط (1) مقلوباً على رأسه.

و إذا قبلنا نصيب مرقس في نظرية الوثيقتين على هذا الأساس، فإنه مع ذلك، ستكون الكلمات الـ 637 المشتركة لفظياً بين متى و لوقا ضد مرقس امراً يحتاج للشرح، لأنه (وفقاً لهذا الرأي) لا يُفترض أن متى و لوقا يعتمد أحدهما على الآخر. و حيث أن عدد هذه الاتفاقات بلغ ما هو أكثر من ثلث عدد الاتفاقيات الثلاثية، يبدو من الخطر تبريرها، سواء كان ذلك على أنها أماكن يتداخل فيها مرقس مع الوثيقة Q و لكن كل من متى و لوقا يفضلا الوثيقة Q، أو كحالات التي فيها يقوم كل من متى و لوقا بتحسين أسلوب مرقس بنفس الطريقة تماماً، أو حيث قامت صياغة نصية لاحقة بدمج لوقا (قل) مع متى. و لا تتعامل المزيد من الدراسات الإحصائية لهونور، والتي تحبذ أسبقية مرقس و وجود الوثيقة Q، مع هذه المشكلة.

لقد استطلعنا الآن المزيد من المواد الأساسية التي يمكن استخدامها كدليل داخلي للمشكلة الإزائية. و لم نناقش الحجج على أن نصوص معينة في إنجيل ما تُعتبر "أسبق" من تلك في الآخر. فكثيراً ما تعتمد مثل هذه الحجج على تفسيرات قابلة للنقاش لتلك المقاطع، وتعتمد دائماً على تعريف "الإنشاء" (مثل الزيادة في تبجيل و احترام يسوع، العناصر المعجزية، أو فقدان التفاصيل التصويرية). و لقد بين ساندرز [36] أن هذه التجارب لا يمكن الاعتماد عليها في مقارنة الأناجيل القانونية (المبكرة) مع الأناجيل الأبوكريفية (المتأخرة). و كما يبدو فإن هذه الاتجاهات التي يمكن الثقة بها في هذه المقارنة،لا تقدم المزيد من الأدلة على أسبقية كل من مرقس و متى.

و قبل أن ننتقل إلى الدليل الخارجي، دعونا نستعرض وضع النظريات المختلفة في ضوء الدليل الداخلي الذي تفحصناه. تعتبر نظريات إنجيل-أور و جريسباخ قادرة على شرح الترتيب المتماثل في الأناجيل الإزائية بشكل جيد عن طريق الاستعارة. في النظرية الأولى، يتبع الجميع ترتيب إنجيل أصلي افتراضي بشكل وثيق جداً، على الرغم من أن ترتيب مرقس هو الأقرب. و على خلاف هذا، ترى نظرية جريسباخ أن مرقس يتبع ترتيب متى و لوقا بالتبادل، و على هذا فهو دائماً ما يتفق مع واحد منهما على الأقل. و يبدو نموذج اغسطينوس في موضع حرج هنا: أساساً، يتبع مرقس متى مع بعض الاختلاف أحياناً. و يفضل لوقا دائماً ترتيب مرقس عن متى، و لكنه لا يتبع دائماً مرقس ذاته!

و تعتبر المشكلة الأكثر خطورة لآراء إنجيل-أور، جريسباخ و أوغسطينوس هى عدم وجود اتفاق بين متى و لوقا في ترتيب ما يمكن أن نسميه "المواد المأخوذة من الوثيقة Q". و هذا يجب أن يكون له بعض الترتيب في الإنجيل الأصلي (سواء أنجيل-أور أو متى). فلماذا ترك لوقا أو متى هذا الترتيب بينما اتبعا بشكل جيد الترتيب الأصلي الخاص بهما خلاف ذلك؟ تبدو هذه المشكلة مستعصية تقريباً في الوقت الحاضر. و بالتأكيد، يقع عبء الإثبات على أنصار هذه الآراء للوصول لتفسير معقول.

و يتواجد في نظرية الوثيقتين تفسير طبيعي لحقيقة أن لوقا ومتى لم يتفقا أبداً ضد مرقس في ترتيب الفصول: فقد اتبعوا ترتيبه بشكل وثيق جداً. كما يوضح هذا، بشكل طبيعي،الترتيب المتباين في مواد الوثيقة Q، على الرغم من أن هذا يلقي بظلاله على الموثوقية التاريخية لأنجيل متى و لوقا (اللذان يختلفان عن طريق إدراج أقوال في سياقات مختلفة) و هذا يجب أن يؤدي لوقفة إنجيلية حول التمسك بها بإخلاص. و كذلك فإن الدراسة الإحصائية لأوجه التشابه اللفظي تفضل إلى حد ما هذا الرأي.

و تتضمن المشاكل الرئيسية لنظرية الوثيقتين، التفاصيل. فهل يمكننا حقاً التخلص من 637 حالة من الهوية اللفظية (حيث يتوافق متى و لوقا ضد مرقس) من خلال التوسع في الوثيقة Q، أو القيام بالتحسينات في الأسلوب، أو ادعاء التجميع اللاحق للنص؟ إذا كنا نقوم بالتوسع في الوثيقة Q، فإنها تبدأ في التقاط عناصر سردية أكثر، و التي من شأنها أن تقوض التفسير المعتاد لماذا تقع النصوص بشكل مختلف عند متى و لوقا في المقام الأول. فإذا سمحنا بالكثير من التغيير في النص، فستذهب الحجج الإحصائية لهونور هباءاً، لأن العديد من القيم التي كان يبني عليها استنتاجاته لا تختلف كثيراً. فهل اذن، كل هذه تعتبر تحسينات أسلوبية؟

النظرية الشفاهية مرنة جداً، ولكنها أيضاً غامضة جداً. و هى تقدم القليل من التنبؤات، لذا و بسهولة تعرضت لهجوم أقل. ما لم يتم تطويرها، فإنها لا تقدم تفسيراً لوجود الكثير من التداخل في محتوى الأناجيل الإزائية. و تتناسب الفروق اللفظية مع النقل الشفاهي جيداً بما فيه الكفاية، و لكن الاتفاقات الشفاهية والتشابهات اللافتة للنظر في المحتوى مطلوبة، على وجه جوهري، لكيان محفوظ من النصوص. و إن الاختلافات اللافتة في المحتوى التفصيلي وعدم وجود ترتيب في نصوص الوثيقة Q يمكن تفسيره بطرق مختلفة بواسطة النظريات الشفاهية، سواء المتناسبة أو غير المتناسبة مع الموثوقية التاريخية للمادة.

باختصار، و على أساس الدليل الداخلي وحده، تبدو نظرية الوثيقتين مفضلة بشكل كبير بين نظريات المصادر المكتوبة الأبسط. و لا يمكن الحكم ضد نظريات المصدر الشفاهي بدون مواصفات أخرى لتفاصيلها.

 

الدليل الخارجي

دعونا الآن ننتقل إلى الدليل الخارجي المتعلق بالمشكلة الإزائية. الموضوع الأول الذي سنتناوله، على الرغم من أنه ليس بالضرورة ناتجاً عن السؤال، ألا و موضوع تأليف الانجيل.  تعتبر نصوص الأناجيل (لنترك اسمائها في الوقت الحالي) مجهولة، فليس أي منهم يقول "أنا، متى، كتبت هذا،" أو شيء من هذا القبيل. إلا أن مقدمة لوقا تشير إلى أن صاحبه كان معروفاً لثاوفيلوس، المستلم وربما راعي هذا الإنجيل. فُيعتَبر لوقا، على الأقل، غير مجهولاً في البداية. وهذا أمر مهم في ضوء حقيقة ان التقليد المسيحي المبكر بالإجماع يسند هذه الأناجيل لمتى و مرقس و لوقا، و أن أقدم المخطوطات الباقية، فيها اسماء الأناجيل أيضاً، و كلها تقدم هؤلاء الكُتّاب فقط. و يُفسر هذا بأكثر سهولة إذا كان في الواقع هؤلاء هم المؤلفين و كان هذا معروفاً في الكنيسة الأولى. خلاف ذلك، لا بد من تفسير كل من الفقدان الكامل للمعلومات الصحيحة و الاستبدال الكامل بمجموعة أخرى من الأسماء الزائفة، ليس أي منها على خلاف ذلك و بالأخص، بارزاً في التاريخ الرسولي.

فإذا كان علينا قبول كل من نظرية الوثيقتين و التأليف التقليدي (على سبيل المثال، كما يفعل بعض الإنجيليين والكاثوليك)، فإننا نواجه الحالة الشاذة أن متى، رسول و شاهد عيان، نسخ جزء كبير من عمله من مرقس، الذي كان مجرد مساعد لديه القليل من المعرفة المباشرة بخدمة يسوع. و لا يعتبر هذا مستحيلاً، ولكنه يتطلب بالتأكيد نوعاً ما من التفسير الخاص.

و لننظر بعد ذلك في الترتيب الذي تم به كتابة الأناجيل. بالتأكيد، يفضل التقليد كتابة متى قبل مرقس. صحيح، أقرب شهادة لنا، هى التي لبابياس (سنة 130)، في عدد قليل من القصاصات المعروفة و التي نجت من كتاباته، لا يقدم أي بيانات واضحة حول ترتيب الكتابة. و مع ذلك فإن تصريحه حول "اللوجيا (الأقوال)" المنسوبة لمتى هو كالتالي

ثم كتب متى الوحى (اللوجيا/الأقوال) في اللهجة العبرية، ولكن كل واحد فسرها على قدر استطاعته [37]

-- بدلاًمن ذلك، هى توحي بأن لفترة ما من الوقت لم يوجد شيء آخر متاح. إذا كان بابياس يشير إلى إنجيل متى، و على الأقل يلمح أنه تم كتابته أولاً.

أما إيريناؤس (سنة 170)، الذي درس مع بوليكاربوس، تلميذ يوحنا الرسول، كان واضحاً تماماً في القول بأن مرقس كتب بعد متى:

و الآن نشر متى كتاب الإنجيل بين اليهود في لهجتهم الخاصة، بينما كان بطرس و بولس يعظان بالإنجيل في روما و يقومان بتأسيس الكنيسة. و بعد إنتقالهما (رحيلهما) كتب مرقس أيضاً، تلميذ ومترجم بطرس، الأمور التي بشر بها بطرس. [38]

و يكرر كليمنضس السكندري، المعاصر لإيريناؤس، "تقليد الكهنة المبكر" أن "الأناجيل التي تحتوي على سلاسل النسب [متى و لوقا] كانت مكتوبة أولاً". [39] لم يعتمد لا إيريناوس و لا كليمنضس كما يبدوعلى بابياس، ما لم نكن قد قررنا بالفعل أن بابياس يجب أن يكون المصدر الوحيد لجميع تقاليد متى و مرقس. و هناك شهادة لاحقة على يد أوريجانوس [40] يوسابيوس، [41] و جيروم [42]،تضع أيضاً متى أولاً، رغم أن هؤلاء كتبوا بعد فترة طويلة من الأحداث وربما اعتمدوا على كتبة مبكرين.

هناك خلاف في التقليد المبكر على الترتيب النسبي لمرقس و لوقا. فكليمنضس يضع بصراحة مرقس الثالث، [39] ولكن أوريجانوس يضع مرقس الثاني و لوقا الثالث. [40]  المصادر السابقة ليست حاسمة. و لا تذكر قصاصات بابياس لوقا. و يسرد إيريناؤس الأناجيل بالترتيب متى، مرقس، لوقا، يوحنا، و لكن بالنسبة للوقا وحده يغفل الاتصال الزمني:

و الآن تم نشر متى... بينما بطرس و بولس كانا يعظان بالإنجيل في روما.... بعد رحيلهم، مرقس... ورث... الأشياء التي بشر بها بطرس. لوقا أيضاً، رفيق بولس، وضع في كتاب الإنجيل الذي بشر به بولس. و بعد ذلك يوحنا.. [38]

و يمكن استخلاص بعض المعلومات ذات الصلة غير المباشرة بهذا السؤال من العهد الجديد و آباء الكنيسة. فبالنظر لكلام إيريناؤس أن مرقس كتب بعد خروج بطرس و بولس لتعني بعد رحيلهم من روما و ليس بعد وفاتهم (الكلمة يمكن ترجمتها بأي من المعنيين)، فبالتالي تتفق شهادة إيريناؤس مع كليمنضس، حيث تمت رؤية أن بطرس كان له رد فعل على إنجيل مرقس بعد كتابته. [39] و هذا سوف يجعل تاريخ مرقس في منتصف الستينات من القرن الأول، بعد رحيل بولس من روما (سنة 63) ولكن قبل أن يتم استشهاد بطرس و بولس على يد نيرون (سنة 67). ومع ذلك، فإن لوقا قد كُتب قبل الأعمال (قارن لوقا 1: 3 مع أع 1: 1)، و تاريخ الأعمال بشكل أكثر طبيعية هو قبل وفاة بولس أو اندلاع الاضطهاد الروماني ضد المسيحية (سنة  64). وهكذا يبدو أن لوقا يسبق مرقس، بدأ يكتب في موعد أقصاه مطلع الستينات حين كان بولس في روما، أو على الأرجح خلال العامين حيث كان لوقا في فلسطين بينما كان بولس في السجن في قيصرية (سنة 58-60).

و هكذا تقدم الأدلة التقليدية ترتيب لكتابة الأناجيل الإزائية، إما الترتيب متى و مرقس و لوقا أو متى، لوقا و مرقس. و هذا يناسب نماذج أوغسطينوس و جريسباخ، على التوالي، ولكن لا يناسب نظرية الوثيقتين. و تجدر الإشارة إلى أن شهادة إيريناؤس عن تاريخ متى تسبب مشكلة، لأنه يضعه في أوائل الستينات أيضاً، "بينما كان بطرس وبولس يعظان بالإنجيل في روما و يؤسسا الكنيسة". و هذا يؤدي إلى حشد كتابة كل الثلاثة أناجيل الإزائية في بضع سنوات فقط، و التي تبدو متعارضة مع تصوير بابياس لفترة زمنية كان فيها إنجيل متى فقط هو المتاح.

و يتوجب على أنصار نظرية الوثيقتين الذين لا يرفضوا شهادة بابياس تماماً في كثير من الأحيان، السعي لحل هذه المشاكل عن طريق افتراض أن بابياس لا يشير إلى إنجيل متى الكنسي بمصطلح "اللوجيا"، بل بالأحرى يشير إلى الوثيقة Q [43]. و هذا يجعل الترتيب التالي Q، مرقس، متى، لوقا أو ربما Q، مرقس، لوقا، متى و لكن على حساب رفض شهادة كل من إيريناؤس و كليمنضس. و يتوجب إذن، رفض هذه، لأنها (1) تعتمد فقط على بابياس وحده، و (2) و تؤدي إلى سوء فهمه. و يعتبر هذا موقف غير مستقر نوعا ما، لان إيريناؤس أكثر احتمالاً أن يكون قد حصل على معلوماته من بوليكاربوس أكثر من بابياس، و كليمنضس يدعي أنه يعتمد على أب أو أكثر من الأباء الاوليين [39]. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإدعاء الشائع أن مصطلح "اللوجيا" لبابياس يناسب مصدر أقوال مثل الـ Q أفضل من مصدر سرد مثل متى، [44] يتجاهل استخدام بابياس الخاص: "اللوجيا" هي ما شرحه بابياس نفسه، و لكنه يشمل فيها أعمال يسوع و كذلك كلماته.[45] و قد طبق أيضاً مصطلح "اللوجيا" على إنجيل مرقس، و الذي قال أنها شملت "الأمور سواء التي قالها أو فعلها الرب". [46]

و ينبغي علينا أن نتفحص نقطتين أخرتين ذات أهمية في التقليد الخاص بالأناجيل الإزائية: اللغة التي كتب بها متى أصلاً، و الربط بين مرقس و بطرس. توضح الاستشهادات من بابياس و إيريناوس، أعلاه، بما فيه الكفاية الفكرة السابقة، و هي ميزة أساسية في التقليد. فالفهم الطبيعي للكلمات المستخدمة هو أن متى كتب إنجيله إما بالعبرية أو الآرامية. و يبدو أن الاقتراح هذا الذي يشير إلى لهجة سامية من اليونانية ليس من المرجح: إنها تفترض أن بابياس هو المصدر الوحيد لهذه المعلومات و (مرة أخرى) أنه قد أُسيء فهمه. و بالتأكيد، لا يتناسب هذا بشكل جيد مع ملاحظة بابياس أن "كل واحد يفسرها على قدر استطاعته".  و من ناحية أخرى، لا يعتبر النص اليوناني الموجود لمتى عموماًعلى أنه "ترجمة يونانية"، أي نوع من أسلوب الترجمة التي تميز كثير من الترجمة السبعينية للعهد القديم العبري إلى اليونانية [47]. الربط بين إنجيل مرقس وبطرس موجود عند بابياس:

و إعتاد هذا الشيخ أن يقول: و حيث أن مرقس، في الواقع، كان مترجم لبطرس، كتب بدقة، و لكن ليس بترتيب، الامور سواء التي قالها أو فعلها الرب بقدر ما تذكر. لأنه لا سمع الرب و لا تبعه، ولكن بعد ذلك، كما قلت، تبع بطرس، الذي ناسب خطاباته بحسب الحاجة و لكن ليس كما لو أنه يقدم سرد عن الوحي الخاص بالرب. بالتالي، كتب مرقس، بعض الأشياء كما تذكر، و لم يخطئ في شيء. لأنه كان حذراً من شيء واحد هو عدم حذف أي شيء من الأشياء التي قد سمعها و أن لا يقوم بتلفيق أي شيء فيها. [46]

و كون أن إنجيل مرقس هو عظات بطرس واضح تماماً في هذا، على الرغم من بعض الغموض فيما يتعلق بالمسائل الأخرى. و يبدو أن يوستينوس الشهيد (سنة 150)، في اشارة الى المواد التي لا توجد إلا في مرقس، يسميها "مذكرات" بطرس [48] على الرغم أنه ربما كان يقصد مذكرات المسيح. يربط إيريناؤس بالتأكيد إنجيل مرقس ببطرس، كما ذكر أعلاه. و ينبغي أيضا أن نذكر شهادة كليمنضس:

... و توجد حادثة خاصة بالإنجيل وفقاً لمرقس: عندما كان بطرس يبشر بالكلمة مُجَاهَرَةً في روما وأعلن الإنجيل بالروح، طلب الذين كانوا حاضرين من مرقس، حيث انه كان قد تبعه لفترة طويلة و يتذكر الأشياء التي كانت تحدث، أن يكتب الأشياء التي قيلت. وعندما فعل هذا، أعطى الإنجيل لأولئك الذين قد طلبوا منه هذا. و عندما علم بطرس لاحقاً، قال انه لا يعرقله و لا يشجعه. [39]

دعونا نلخص الأدلة الخارجية المتعلقة بمشكلة الأناجيل الإزائية. يشير تقليد قوي أن جميع الأناجيل الثلاثة كانت مكتوبة في موعد لا يتجاوز الستينات؛ و أن متى كُتب أولاً، على ما يبدو في الآرامية أو العبرية؛ و ان مرقس أو لوقا تمت كتابته في الترتيب الثاني؛ و أن مرقس يحافظ على شهادة بطرس.

و هذا الدليل غير مؤيد لنظرية إنجيل-أور ما لم يُتخذ الإنجيل الأصلي على أنه الشكل السامي من إنجيل متى. و يقدم الدليل ترتيب مختلف للغاية لكتابة الأناجيل عما تقدمه نظرية الوثيقتين. و لا يتناسب الترتيب الوارد في التقليد مع اي من نموذج أوغسطينوس أو نموذج جريسباخ، و لكن التقليد لا يؤيد استخدام مرقس لأي من متى و لوقا كما تفعل هذه النظريات.

 

بعض الاقتراحات للتوليف

و هكذا، فإن البيانات الخاصة بالمشكلة الإزائية تمثل لغزاً. فالدليل الداخلي يفضل عموماً نظرية الوثيقتين  أو على الأقل أسبقية مرقس. و الدليل الخارجي يفضل أسبقية متى. كيف يمكن التوصل لحل لهذا؟ فقد كان رفض الدليل الخارجي ممارسة شائعة في هذا القرن، حيث أنه لم يعد في الاستطاعة استجواب آباء الكنيسة، بينما لا يزال لدينا مدخل إلى مجمل الدليل الداخلي. و بالطبع، هذا صحيح، ولكن ينبغي أن يكون الأمر متوازناً بملاحظة أن تفسير الأدلة الداخلية يمكن أن يكون ذاتياً إلى حد ما، و أنها لا تناسب بدقة أي من النظريات الوثائقية البسيطة على أي حال.

لنفترض، أنه بدلاً من تجاهل الأدلة الخارجية و بناء أبسط نموذج يناسب (تقريباً) البيانات الداخلية، سنحاول استخدام البيانات الداخلية و الخارجية على حد سواء و بشكل عادل. و تعتبر المشكلة الأكبر لدينا هى مسألة الأسبقية النسبية لمتى و مرقس. إلا أننا لاحظنا هنا أن الأدلة الداخلية والخارجية لا تبحث بالضرورة في نفس الشيء. فالأدلة الداخلية تشير إلى أن محتوى مرقس (عموماً) قبل متى؛ و الأدلة الخارجية، تشير أن كتابة متى قبل مرقس.

يخبرنا التقليد أن مرقس يحافظ على عظات بطرس. و يشير العهد الجديد (على الرغم من دون أي إيحاءات بابوية) بتفوق بطرس بين الرسل، وخاصة في نشاطه كناطق باسمهم خلال تلك السنوات الأولى التي ظل فيها جميع الرسل معاً. فإذا افترضنا أن الرسل في إتفاق قاموا بإختيار مجموعة من المواد من حياة المسيح لتشكيل الإنجيل الأساسي الخاص بهم، فمن ثم يكون الجزء المشترك في الأناجيل الإزائية يمكن اعتباره على أنه الشهادة الرسولية القياسية. و سيكون هذا إنجيل شفاهي يشبه كثيراً مرقس، على الرغم أنه ربما يفتقر لبعض السمات المميزة لشخصية بطرس المتحمسة - نوعاً مما يمكن أن ندعوه ما قبل-مرقس.

و بالطبيعي، استخدم متى هذا الإنجيل الشفاهي في تكوين إنجيل مكتوب، على الرغم من أنه قد يبدو أنه استكمله ببعض من تعاليم مفصلة ليسوع و كذلك معلومات عن ولادته. استخدم لوقا، أيضاً، الشهادة الرسولية (لذا قال، لوقا 1: 2)، لكنه أجرى بحث مستقل لاستكمال ذلك (لوقا 1: 3)، ربما عن طريق إجراء مقابلات مع العديد من شهود العيان. فالكثير من التشابه اللفظي المشترك بين لوقا و متى ولكن ليس مع مرقس، سيكون بحسب هذا الرأي، راجعاً إلى التكرار في خدمة يسوع التعليمية المتجولة بدلاً من التخمين في إسناد أقوال من الوثيقة Q إلى سياقات السرد. و من ثم يمكن النظر إلى القصر النسبي لمرقس مقارنة بمتى و لوقا كانعكاس لمنحى شخصية بطرس العملية. و كانت إضافاته المميزة للشهادة الرسولية إلى حد كبير مسألة تعبير بدلاً من إضافة حوادث أو أحاديث أخرى.

يفسر هذا الرأي بطبيعة الحال كيف أن متى (و حتى لوقا) أحياناً، سيبدو أكثر أسبقية، لأنه لا يعتمد على مرقس المكتوب. و كيف يجوز في مناسبة أنهما يتوافقا ضد مرقس في الصياغة أو الترتيب، على الرغم من أنه يبدو عموماً أنهما يتبعانه. ويمكن تفسير أسلوب مرقس الأكثر خشونة بأنه نسخة من العرض الشفاهي بدلا من كونه عمل أدبي. فأسلوبه يعتبر أكثر دراماتيكية، مثل العرض الشفاهي لمتحدث ذي خبرة مع خيال خصب. أما التنظيم الشعري السامي البديع الذي نجده بانتظام في إنجيل متى هو من إبداع يسوع و ليس من أي عبقري غير معروف في الكنيسة الأولى.

و تبزغ مشكلتان إلى الذهن مع هذا الاقتراح. الأولى هى التقليد الخاص بالنسخة السامية من أنجيل متى. فهل يمكن للأناجيل الإزائية أن تكون أقرب لفظياً بعضها لبعض إذا لم يكن متى أصلا باللغة اليونانية؟ و هل يمكن أن يكون أنجيل متى الذي لدينا الآن عبارة عن الترجمة من نسخة أصلية سامية؟ و إذا كان هناك مثل هذا الأصل السامي، فلماذا اختفى؟ سننظر لهذه الأسئلة بترتيب عكسي، من المرجح أن تختفي أي وثيقة إذا لم يتم الحفاظ عليها إلا من خلال النسخ و ليس هناك أحد يعرف لغتها و يهتم بأمر نسخها. فلم تعد الآرامية الأصلية لكتاب يوسيفوس الحرب اليهودية موجودة. و اختفى الكتاب المقدس العبري من الدوائر المسيحية والكتاب المقدس اليوناني من أوروبا الغربية، إلا أنه تعافى في العصر الحديث بسبب وجود مجموعات أخرى واصلت نسخه. و يمكن اعتبار أن إنجيل متى الذي لدينا الآن بسهولة هو ترجمة إذا ما كانت تقنية الترجمة تستخدم أكثر مثلما حدث في يوسيفوس (بواسطة مؤلفه الخاص) أو الترجمات اليونانية العهد القديم لسيماخوس و ثيؤدوسيون أكثر من كونها الطريقة الحرفية الشائعة في الترجمة السبعينية. و أخيراً، إذا وُجدت الشهادة الرسولية في كل من اليونانية و الشفاهية السامية (كانت الكنيسة ثنائية اللغة منذ البداية)، اذن يكون متى (أو مترجمه) قد استخدم الشكل اليوناني من التقليد عند إعداد النسخة اليونانية من متى للنشر.

المشكلة الثانية هي شهادة إيريناؤس لتاريخ إنجيل متى، أنه تم نشره (في الستينات)، في حين كان بطرس وبولس يعظان بالإنجيل في روما.   و هنا، أقترح أن إيريناؤس ربما خلط بين اثنين من التقاليد، وضع (1) الشكل السامي الأصلي مع (2) تاريخ نشره باليونانية. أود أن أقترح أن النسخة السامية من متى لها تاريخ سابق بكثير، في الأربعينات أو الخمسينات، يليها لوقا في أواخر الخمسينات أو أوائل الستينات، ثم نسخة متى اليونانية، و أخيراًمرقس في منتصف الستينات.

يبدو لي هذا الاقتراح - بما في ذلك التأليف، والتواريخ، والعلاقات الأدبية - نوعاً من التوازن المعقول بين كلا من الأدلة الداخلية والخارجية. كما أنه يتسق مع صورة العهد الجديد الخاصة لتاريخ وطبيعة الفترة الرسولية و مع العقيدة الكتابية الخاصة بعصمة الكتاب المقدس.

 

مراجع

1. تاتيان، الدياتيسرون. وقد نجت قصاصة في اليونانية، فضلاً عن نصوص أكثر في الترجمة. انظر إدجار ج جودسبيد و روبرت جرانت، تاريخ الأدب المسيحي المبكر، طبعة منقحة (شيكاغو: فينيكس للكتب، 1966).

2. يوسابيوس، رسالة إلى كاربيانوس. النص اليوناني مع الجداول في ايبرهارد نستله، إروين نستله و كورت ألاند، يونانية العهد الجديد، الطبعة 25 (شتوتجارت:معهد الكتاب المقدس في بورتمبيرجيشة، 1963)، ص 32 * -37 *.

3. أوغسطينوس، اتفاق البشيرين.

4. استطلاعات للتاريخ النقدي للأناجيل الإزائية يمكن الاطلاع عليها في دونالد جوثري، مقدمة للعهد الجديد، الطبعة 3 (دونرز جروف، أل: إينترفرستي، 1970)، ص 123-132؛ و ج كوميل، مدخل إلى العهد الجديد (لندن: SCM، 1966)، ص 37-42؛ ويلي ماركسين، مدخل إلى العهد الجديد (فيلادلفيا: فورتريس، 1968)، ص 113-119؛ هنري سثيسين، مدخل إلى العهد الجديد (جراند رابيدز: ايردمان، 1943)، ص 101-121.

5. انظر، على سبيل المثال، أ ت روبرتسون، توافق الإنجيل للطلاب عن حياة المسيح (نيويورك: هاربر و بروس، 1922)، ص 255-256؛ نيد ب ستونهاوس، أصول الأناجيل الإزائية(جراند رابيدز: ايردمان، 1963)؛ جوثري، مقدمة العهد الجديد، ص 234-236؛ ايفرت ف هاريسون، مدخل إلى العهد الجديد، طبعة منقحة (جراند رابيدز: ايردمان، 1971)، ص 146-154.

6. انظر، على سبيل المثال، ج أ فيتزماير، "أسبقية إنجيل مرقس و المصدر Q في إنجيل لوقا،" مجلة بيرسبكتيف11 (1970)، 131-170؛ ف ج ماكول، "المشكلة الإزائية،" في الموسوعة الكاثوليكية الجديدة 13: 886-891.

7. انظر، على سبيل المثال، أ ت روبرتسون، مسيح اللوجيا (نيويورك: دوران، 1924)، ص 17؛ هـ ج وود، "أسبقية إنجيل مرقس،" مجلة اكسبوزيتوري تيمز 65 (1953)، 17؛ هوجو مينيل، "المشكلة الإزائية: بعض الحلول غير التقليدية،" مجلةاللاهوت 70 (1967)، 386.

8. باسيل س باتلر، أصالة إنجيل القديس متى (كامبريدج: مطبعة الجامعة، 1951).

9. بيرسون باركر، الإنجيل قبل مرقس (شيكاغو: مطبعة جامعة شيكاغو، 1953).

10. وليام ر فارمر، المشكلة الإزائية (نيويورك: ماكميلان، 1964).

11. توماس ر و ونجستاف، الدليل على الدمج في إنجيل مرقس (ميسولا، م ت: جمعية الأدب الكتابي، 1967).

12. كزافييه ليون دوفور، الأناجيل و يسوع التاريخ (نيويورك: ديسسلي / كولينز، 1968).

13. إدوارد ب ساندرز، اتجاهات التقليد الإزائي (كامبريدج: مطبعة الجامعة، 1969).

14. أ جابوري، تَرْكِيب الأناجيل الإزائية (ليدن: بريل، 1970).

15. روبرت ل ليندسي، ترجمة عبرية لإنجيل مرقس (أورشليم: دوجيث، 1969).

16. ديفيد دونجان، "الاتجاهات الرجعية في نشاط تكوين الإنجيل في الكنيسة المبكرة؟ مرقيون، تاتيان، مرقس،"  مكتبة لقاءات لوفان في علم اللاهوت النظامي (بيبلوتيكا ايفيميريدم ثيؤلوجيكا لوفانينسيوم) (1974)، 34، 179-202.

17. برنار أوركارد: متى، لوقا و مرقس (مانشستر: كوينونيا، 1976).

18. أوستن فيرار، "في التركيب بواسطة Q،"  دراسات في الأناجيل، طبعة د إ (أكسفورد: بلاكويل، 1955)، ص 55-86.

19. أ و أرجايل، "الأدلة على الرأي القائل بأن القديس لوقا استخدم إنجيل القديس متى"،  مجلة الأدب الكتابي 83 (1964)، 390-396.

20. ر ت سيمبسون، "الاتفاقات الرئيسية بين متى ولوقا ضد مرقس،"  دراسات العهد الجديد 12 (1966)، 273-284.

21. نايجل تيرنر، "المصدر Q في الفكر الحديث،"  اكسبوزيتوري تيمز 88 (1969)، 324-328.

22. جورج و بوكانان، "الدراسات الحالية للأناجيل الإزائية: أوركارد، فرضية جريسباخ وغيره من البدائل،" مجلة الدين في الحياة 46 (1977)، 415-425.

23.هنري س الفورد، العهد الجديد اليوناني. بواسطة إ ف هاريسون (شيكاغو: مطبعة مودي، 1958)، 1: 5].

24. الأرقام بين القوسين هنا و ما بعدها تشير لأقسام في الخلاصة اليونانية لألبرت هوك وهانز ليتزمان، خلاصة الأناجيل الثلاثة الأولى، الطبعة 9. (نيويورك: جمعية الكتاب المقدس الأمريكية، 1936). وتستخدم الأجزاء نفسها في الخلاصة الإنجليزية لبيرتون هـ ثروكمورتون، المتوازيات في الأناجيل، الطبعة 3 (ناشفيل: توماس نيلسون، 1967).

25. التقديرات من جوزيف ب تايسون، دراسة للمسيحية المبكرة (نيويورك: ماكميلان، 1973)، ص 184-185.

26. ستيفان بوروبكان، "النقد الشكلي و المشكلة الإزائية،" مجلة نوفم تيستامنتم 7 (1964)، 81-118.

27. أ م هونور "دراسة إحصائية للمشكلة الإزائية"  مجلة نوفم تيستامنتم 10 (1968)، 95-147.

28. إ ب ساندرز، "حجة الترتيب والعلاقة بين متى و لوقا"  دراسات العهد الجديد 15 (1969)، 249-261.

29. جوزيف ب تايسون، "المتوازيات المتتابعة في الاناجيل الإزائية،" دراسات العهد الجديد 22 (1976)، 249-261.

30. روبرتسون، التوافق.

31. جون س هوكينز، الأزمنة الإزائية (هوري سينوبتيكا)، الطبعة الثانية (أوكسفورد: كلارندون برس، 1909)، ص 77-80؛ عمل كلاسيكي على البيانات الخاصة بالمشكلة الإزائية.

32. ساندرز، "حجة من الترتيب،" الجزء الثالث.

33. هونور "دراسة إحصائية". ويقدم الأرقام الدقيقة.

34. انظر خاصة، هيرالد ريزن فيلد،  تقليد الإنجيل (فيلادلفيا: فورتريس، 1970)؛ و بيرجير جيرهاردسون الذاكرة والمخطوطات (لوند: جلير اب، 1961).

35. انظر، على سبيل المثال، يوسيفوس و يوسابيوس، أريان و بلوتارخ.

36. ساندرز، اتجاهات.

37. بابياس، تفسير لأقوال الرب. تبقى فقط اقتباسات متفرقة، نقلا عن يوسابيوس، تاريخ الكنيسة 3 : 39 : 16. يتم تقديم الأدلة التقليدية على الأناجيل بشكل مناسب في كل من اليونانية أو اللاتينية الأصلية و الترجمة الإنجليزية في دانيال ج ثيرون، الدليل من التقليد (لندن: باوز وباوز، 1957)، وأعيد طبعه أيضا بواسطة دار بيكر للكتاب.

38. إيريناؤس، ضد الهرطقات 3 : 1 : 2، الآن موجود فقط في الترجمة اللاتينية. نُقلت هذه الفقرة في اليونانية الأصلية بواسطة يوسابيوس، تاريخ الكنيسة 5 : 8 : 2.

39. كليمنضس، الخطوط العريضة (البُسُط )، التي ورد ذكرها في يوسابيوس، تاريخ الكنيسة 6 : 14 : 5.

40. اوريجانوس، تفسير إنجيل متى، استشهد به يوسابيوس، تاريخ الكنيسة 6 : 25 : 3.

41. يوسابيوس، تاريخ الكنيسة3 : 24 : 5.

42. جيروم، تفسير إنجيل متى؛ الرجال اللامعين 3.

43. ف هـ ستانتون، الأناجيل كوثائق تاريخية (كامبريدج: مطبعة الجامعة، 1923)؛ ت و مانسون، اقوال يسوع (لندن: SCM، 1949).

44. ستانتون، الأناجيل، ص 53 و ما بعدها. مانسون، اقوال، ص 18-19.

45. وفقا ليوسابيوس، تاريخ الكنيسة3 : 39 : 16، يقول أن بابياس روى قصة "امرأة اتهمت بالعديد من الذنوب أمام الرب."

46. يوسابيوس، تاريخ الكنيسة3 : 39 : 15.

47. هاريسون، مقدمة للعهد الجديد، ص 169؛ انظر المناقشة في جوثري، مقدمة العهد الجديد، ص 46-47.

48. يوستينوس، الحوار مع تريفو 106.

Produced for IBRI 
PO Box 423 
Hatfield, PA 19440


You can contact IBRI by e-mail


Return to the IBRI Home Page

Last updated: January 17, 2002