IBRI Research Report #52 (2004)

 

إعادة عرض لمقالة "هل الكتاب المقدس في حوزتنا مُوحى به؟"

تقرير البحث رقم 5-1981، الذي كتبه روبرت ج دونزويلير

 

بواسطة

إلين أ فيليبس

حقوق التأليف والنشر © 2004 لـ إلين أ فيليبس. جميع الحقوق محفوظة.

 

الملخص

في هذه المقالة، تم عرض تعريف وصفي لعقيدة الوحي، و الأسس الكتابية للعقيدة، و تم اقتراح المتطلبات اللازمة. ثم تم تقديم المفهوم في إطار أوسع من الإعلان، و تم مناقشة تطبيق الوحي فيما يخص ما هو خلاف (الأوتوجرافيا) النسخ الأصلية الاولى للكتاب المقدس المكتوبة بيد المؤلف الاصلي. و تم اقتراح أن خاصية الموحاوية، نتيجة لعمل الوحي، موجودة في النسخ التالية (الأبوجرافيا) على قدر تقاربها بأمانة من الأوتوجرافيا.  و تم عرض النظرة العملية لطبيعة النص الكتابي كما هو لدينا اليوم باتباع النص من خلال سبع مراحل من إعلان الله للكلمة حتى نشرها، بالاشارة للمصادر المحتملة للخطأ. و ننتهي بعد ذلك بالتحدث بشكل مناسب عن إعلان كلمة الله اليوم و نشرها.

ملاحظة المحرر

على الرغم من إتفاق الكاتب مع البيان العقائدي لمعهد بحوث الكتاب المقدس القائمة على تخصصات عديدة (IBRI)، إلا أن هذا لا يعني أن جميع وجهات النظر التي دونها الكاتب في هذه المقالة تمثل المواقف الرسمية للمعهد. و حيث أن إحدى أهداف سلسلة التقارير التي ينشرها معهد IBRI، هو أن تكون بمثابة منتدى للمناقشة قبل الطباعة، لذلك فمن المحتمل أن يكون الكاتب قد نقح بعض جوانب هذه المقالة وقام ببعض التعديلات فيها، منذ أن قام بكتابتها لأول مرة.

نبذة عن الكاتب

Dr. Elaine Phillips

الدكتور إلين فيليبس حاليا أستاذ الدراسات الكتابية في كلية جوردون (منذ عام 1993). بعد حصولها على درجة الماجستير في اللاهوت من المعهد اللاهوتي للكتاب المقدس، درست هى و زوجها بيري و علما في أورشليم 1976-1979. و عند عودتها إلى الولايات المتحدة، درست في كلية باينبروك الجديدة خارج فيلادلفيا في الوقت الذي كانت تواصل في دراستها للحصول على شهادة الدكتوراه من كلية دروبسي للعبرية و التعليم المتماثل.

 

 ملاحظة: هذه نسخة منقحة و محدثة من التقرير رقم 5.


 

إعادة عرض "هل الكتاب المقدس في حوزتنا مُوحى به؟"

تقرير بحث رقم 5-1981، تأليف روبرت ج دونزويلير

مقدمة

كطالبة للأستاذ دونزويلير، أقدر بعمق تناوله المستمر، المدروس و الدقيق للقضايا اللاهوتية المعاصرة. و يعتبر كتابه (تقرير بحث IBRI رقم 5) عن الوحي مثالاً لتلك الاستكشافات و لقد استخدمتها مع طلابي لأكثر من عقد من الزمان. و نظراً لأنها، مع ذلك، كانت مكتوبة لمناقشة البيانات و الحجج التي كانت جزءاً من النقاش في أواخر السبعينيات، فبعض الأجزاء منها لها صدى أقل مع هذا الجيل. وبالإضافة إلى ذلك، لقد علّمت هذه المواد على المستوى التمهيدي، و لقد قمت ببعض التغييرات الطفيفة لتعريف الموحاوية، و توسعت في الجزء الخاص بمسألة اللغة و الإعلان، و عدلت بشكل ملحوظ اثنتين من "الخطوات" التي شكلت الجزء الثاني من المقالة الأصلية، و أضفت بعض المراجع و المناقشات حول العديد من القضايا التفسيرية المعاصرة. و في نفس الوقت، وذلك لأن طريقة الأستاذ دونزويلير منطقية باستمرار و دقته في التحليل مقنعة جداً، حاولت الحفاظ على كل من هيكل المفاهيم العام للمقالة، فضلاً عن قطاعات كبيرة في كلماته، ولا سيما فيما يتعلق بتحليله للنصوص الكتابية، و العرض الأولي لعناصر الوحى و آثاره، و تطوير مفهوم الموحاوية. و النتيجة هي مزيج يقع على الحافة بين "مراجعة رئيسية" و "عمل منفصل." 1

 

الوحى و "الموحاوية" الخاصة بالكتاب المقدس: اقتراح

مفهوم الوحي

الادعاء بأن النص الكتابي "مُوحى به" يثير العديد من المشاكل الحقيقية للتفسيرات و التكهنات عن كيف حدثت هذه العملية. و تتراوح هذه المشكلات من افتراض أنها مجرد هو انعكاس للبصيرة و الإعلاء الروحي للإنسان، من جهة، إلى تأكيد أن الله أملى فعلاً كلمات النص الكتابي ذاتها، في الطرف الآخر. تحافظ ما اصطلح على تسميته وجهة النظر العضوية في الوحي، على أن الكتاب المقدس هو كلمة الله المعلنة للبشرية بإرشاد فوق طبيعي و معصوم للملكات الإنسانية لأشخاص مختارين. و قد تم الدفاع عن هذا الموقف من قبل أنصار مشهورين و هم  ب ب  وارفيلد، وليام ج ت شيد، تشارلز هودج، لويس سبيري شيفر، و لويس بيرخوف.

 

و لأغراض هذا العرض، تم تعريف الوحي على النحو التالي:

الوحي هو عمل خاص للروح القدس الذي يتم به توجيه كتّاب اسفار الكتاب المقدس، بحيث يضمن أن ينقل كلامهم الأفكار التي أرادها الله، و يجب أن يكون لها علاقة متسقة مع أفكار الاسفار الأخرى للكتاب المقدس، و يجب أن تبقى خالية من الخطأ في الفكر و الحقيقة، العقيدة و الحكم. 2

 

هذا الفعل الخارق و المعجزي للروح القدس، هو في الأوتوجرافيا، أي المخطوطات الأصلية التي كتبها المؤلف.  ومع ذلك، هناك آثار هامة فيما يتعلق بالنسخ اللاحقة، أو الإصدارات و الترجمات، و التي تسمى بالأبوجرافيا. و في الواقع، فإن النصوص الكتابية الرئيسية التي تدعم عقيدة الوحي تتناول طبيعة  أبوجرافيا العهد القديم التي كانت قيد الاستخدام في القرن الأول من العصر المسيحي.

في ربع القرن الماضي، كان هناك جدل كبير بين الإنجيليين فيما يخص طبيعة و آثار الوحي.  و بدأ بيان شيكاغو على تنزيه الكتاب المقدس عن الخطأ (1978) سنوات من العمل من قبل المجلس الدولي لنزاهة الكتاب المقدس عن الخطأ، و كان القصد منها هو الدفاع عن مفاهيم الوحي و التنزيه عن الخطأ ضد مفاهيم أقل صرامة فيما يخص تكوين الكتاب المقدس. و في سياق هذه المناقشة، اتخذت مصطلحات التنزيه عن الخطأ و العصمة آثار هامة و كان اختيار الواحد في مقابل الآخر موضوعاً في حد ذاته. فهناك أولئك الذين يرون أن مصطلح "الإنجيليين" يجب أن يتضمن الاعتقاد في التنزيه عن الخطأ الشامل لأوتوجرافيا الكتاب المقدس. والبعض الآخر يؤكد أن الكتاب المقدس، كلا من الأتوجرافيا و الأبوجرافيا، معصوم فيما يتعلق بمسائل الايمان و الممارسة. و ستتمم مقاصد الله دون فشل، و لكنها ليست بالضرورة خالية تماماً من الخطأ.

و إذا كان مفهوم الوحي الدال على التنزيه عن الخطأ قضية حاسمة للمسيحية الإنجيلية، فيتوجب علينا أن نكون قادرين على العثور عليها في الكتاب المقدس. و بالتالي، فإن الجزء الأول من عملنا هو التحقيق في نص الكتاب المقدس لنرى ما يقوله عن وحيه الخاص، من حيث العناصر الواردة في فعل الوحي ذاته و كذلك  الآثار الناجمة عن فعل الوحي.

 

العناصر الواردة في فعل الوحي

كل الكتاب مُوحى به من الله، أي قد صدر عن فم الله. و هذا العنصر موجود في 2 تي 3 : 16. ها هى لنقرأها، "باسا جرافي ثيؤبنيوستوس كي اوفيليموس بروس ..."  الفاعل في هذه الجملة هو جرافي، و هو ما يعني "شيء مكتوب" و في هذه الحالة يشير إلى النصوص المقدسة التي كانت متاحة لأولئك الذين علموا تيموثاوس (2 تي 3 : 15)، لاسيما والدته و جدته (2 تي 1: 5)، و كذلك لتيموثاوس عندما كان شاباً. و من الواضح أن هذا المشار إليه هنا هي أبوجرافيا التوراة، و الأنبياء، و الكتابات، و ربما تضمنت أيضاً بعض المكونات الأولى من قانون العهد الجديد.3  و سواء استخدموا العهد القديم في الترجمة اليونانية أم لا، فهو أمر لا نستطيع الجزم به.

و بعد كلمة جرافي هناك صفتين، الامر الذي جعل بناء الجملة سبب مشاكل للمترجمين. هذه الصفات هي ثيؤبنيوستوس و اوفيليموس.  و تعني ثيؤبنيوستوس "المتنفس به من الله" و تعني اوفيليموس "مربح" أو "ذات قيمة" أو "مفيد" أو "نافع". و مع ذلك، فهناك غموض في الترتيب النحوي لهذه الصفات.  فيمكن للترجمة أن تكون واحدة من الاحتمالات التالية (1) "كل الكتاب المُوحى به من الله و نافع (هو) للتعليم، الخ"  (2) "كل الكتاب المُوحى به من الله هو نافع للتعليم والخ" (3) "كل الكتاب (هو) مُوحى به من الله و (هو) نافع للتعليم. الترجمة الأولى مربكة للغاية، لأن كلمة "نافع" تبدو في حاجة إلى تكملة ("نافع" لغرض ما)، و عبارة التكملة، "للتعليم"، "للتوبيخ"، مفصولة عن كلمة "الكتاب" بكلمة "نافع". الترجمة الثانية، على الرغم من أمكانيتها، فهي في حاجة إلى مبرر، لأنها تجعل صفة واحدة نعتية و الأخرى مسندة. الترجمة الثالثة، و التي تجعل كلا الصفتين متسقتين، تبدو سلسة و ثابتة على حد سواء.  و تنطوي أيضاً على أفضل الدلالات شمولاً - كل الكتاب (هو) مُوحى به من الله.

فيما يتعلق بالتمييز بين الأوتوجرافيا و الأبوجرافيا، لأنه ليس دفاعاً تأويلياً لتفسير الآية 16 على هذا النحو"كل الكتاب هو مُوحى به، و هو نافع." و بالتالي، ليس من الصواب لاهوتياً لفهم أول صفة مسندة "مُوحى به" للإشارة فقط إلى الفعل الفريد للوحي في الماضي، و الصفة الثانية المسندة "نافع" للإشارة إلى خاصية ثابتة للكتاب المقدس في الوقت الحاضر. بدلاً من ذلك، أعتقد أن بولس يقول ان كل الكتاب على حد سواء الأصول و النسخ تتميز بالصفات المستمرة من "الموحاوية" و "النفع". فليس له الكثير من المعنى أن نقول أن بولس قد قال أن الكتاب المقدس الذي لم يكن لدى تيموثاوس – الأوتوجرافيا – كانت مُوحى بها من الله و نافعة لتجعله كاملاً في كل عمل صالح. و هكذا، فإن هذه التصريحات أدلى بها فيما يتعلق بالأبوجرافيا المتاحة سواء لمعلمي تيموثاوس في سن مبكرة و إلى تيموثاوس نفسه كراع شاب. كل ما كتب يمكن أن يسمى على نحو صحيح بالكتاب المقدس في ذلك الوقت، و له خاصية الموحاوية.

لقد تم قيادة البشر الذين كتبوا الكتاب المقدس خلال كتاباتهم، بواسطة الروح القدس.و نجد هذا العنصر في 2 بطرس 1 : 21، حيث نقرأ: "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" و هذا لا يشير إلى الإعلانات النبوية عن طريق الفم و يمكننا فهم هذا من النظر للآية 20، حيث النبوة التي يتكلم عنها بطرس هي النبوة المكتوبة، بروفيتياجرافي "نُبُوَّةِ الْكِتَابِ".  و من بين أمور أخرى، تخبرنا هذه الآية بأن كل من الدافع الأولي لتسجيل هذه الأحداث و تفسيرها في تاريخ الوحي جاء من روح الله القدوس. فالتركيز هنا هو في البداية على الأوتوجرافيا، على الرغم من أن الكلمة المعلنة في تلك الأوتوجرافيا كانت لتبجل من قبل الأجيال اللاحقة (2 بط 1 : 19) عند قراءة و سماع الرسالة المحفوظة في الأبوجرافيا.

في معنى ما يمكن القول أن الذين كتبوا الكتاب المقدس لم يكتبوا من أنفسهم. وهذه نتيجة للجزء الأول من 2 بطرس 1 : 21، " لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ..." و لكن بدلاً من ذلك، أولئك الذين كتبوا الكلمات النبوية "تكلموا من الله."

و بمعنى آخر، يمكن القول أن الذين كتبوا الكتاب المقدس كتبوا من أنفسهم. هذا العنصر فيه إشارة لكل تلك الجوانب الخاصة بالكتابة التي يمكن وضعها في اطار المصطلح العام "النمط أو الاسلوب". إن كتبة الكتاب المقدس قدموا أساليب متنوعة، مبرهنين على الخلفيات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والمهنية الخاصة بهم. فقد وظفوا مفردات متنوعة، استخدموا انشاءات نحوية مختلفة، و فضلوا أنواع متميزة من اسلوب الخطاب (السردي، الوصفي، التفسيري، أو الجدلي)، و حتى قدموا درجات متفاوتة من العمق النفسي و العاطفي. و هكذا، تكشف كتاباتهم شيئاً عن المؤلف الإنساني، فضلا عن شيء عن المؤلف الإلهي للكتاب المقدس.

و من الجدير بالذكر أن كلا من بولس و بطرس كانا يكتبان هذه الرسائل في وقت متأخر من خدمتيهما الرسولية.4  و هذا يعني أن قدراً كبيراً مما أصبح قانون العهد الجديد سبق أن تحدد و تم قبوله على أنه موثوق به من قبل جماهير القراء و المستمعين.

 

الآثار الناجمة عن فعل الوحي

كل الكتاب المقدس هو كلمة الله. و لأن كل الكتاب مُوحى به من الله (2 تي 3 :16)، فإن تأثير وحى الله بالكتاب المقدس هو أن كله بجملته هو كلمته. و على ما يبدو فإن هذه الحقيقة البديهية لها معنى عندما ننظر أن الكتاب المقدس يتضمن تصريحات أدلى بها الشيطان، الارواح الشريرة، من قبل أناس فجار، و أتقياء يتكلمون بحماقة، و كذلك سجل لأنواع مختلفة من التاريخ العادي. و لكن (وهذا هو المهم) و كنتيجة للوحي فإن كل الكتاب المقدس هو كلمة الله. يتكلم الرسول بولس عن اصداء هذا التأثير عندما يقول للمؤمنين في كورنثوس، "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْسِبُ نَفْسَهُ نَبِيًّا أَوْ رُوحِيًّا، فَلْيَعْلَمْ مَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكُمْ أَنَّهُ وَصَايَا الرَّبِّ" (1 كو 14 : 37).

كل الكتاب المقدس نافع لتجهيز إِنْسَانُ اللهِ بشكل تام للحياة و التقوى. و يوجد هذا التأثير في 2 تي 3: 15-17، حيث نقرأ:

وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.  كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحى به مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.

و قدمت هذه المسألة الخاصة بحالات النفع المزيد من الأسئلة. هل هناك درجات للنفع و السلطة؟ و إذا ما كانت بعض النصوص من الكتاب المقدس "أقل نفعاً" فهل هذا معناه أنها "أقل وحياً"؟  عند هذه النقطة، من المفيد أن أقوم بتقديم بعض التمييز فيما يتعلق بمسألة الوحي و الدقة و السلطان و القيمة. فيما يتعلق بالوحي، سواء الكتاب المقدس مُوحى به (أي من وحى الله)، أم لا. و سواء تحدث أناس من الله، أو أنهم لم يفعلوا ذلك.  و فيما يخص الدقة، سواء تلك القصة في الكتاب المقدس صحيحة تاريخياً (أي، حقيقية) أم لا؛ لا توجد درجات هنا. 5 فيما يتعلق بسلطة المعيارية، يصبح الأمر أكثر تعقيداً. ففي حين أن قوانين العهد القديم، والنصائح، والتصريحات ملزمة لمجتمع العهد إسرائيل، إلا ان هناك بعض الاختلافات في الرأي فيما يتعلق بانطباق بعض منها على أيامنا هذه.  و مع ذلك، فإن السلطة المعيارية للقانون الأخلاقي و المبادئ وراء القوانين المدنية و الطقوس هى مصونة.  فيما يتعلق بالقيمة، أعتقد أنه جائز و سليم أن نتحدث عن درجات في الكتاب المقدس. و أعتقد أن على الرغم من هذا لا يوجد جزء من الكتاب أكثر في درجة الوحي من آخر، إلا أن بعض أجزاء من الكتاب المقدس هي أكثر قيمة من غيرها بناءاً على سياق الدراسة و التطبيق. فالنص الكتابي الذي ينص على شرط أساسي للخلاص هو أكثر قيمة للإنسان  الذي يحتاج للتقرب من الله أكثر من الذي يذكر مكان غامض في تعداد الاسباط (القبائل). و مع ذلك، فإن الأخير له قيمة و أهمية لدارس الجغرافيا التاريخية.  و تعني 2 تي 3 : 16 أن الكتاب نافع للتعليم و للتَّوْبِيخِ، و ِلتَّقْوِيمِ الإيمان و للتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ. و بشكل واضح، سيتم تسديد كل من هذه الاحتياجات بفقرات خاصة لن تكون فعالة في سياقات أخرى.

لا توجد حقيقة واحدة من الكتاب المقدس يمكن تركها، لغيها أو حذفها. و هذا التأثير نجده في يوحنا 10: 34-36، و نصها، "أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ ٣٥ إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ، ٣٦ فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟"

هذه الإشارة إلى "الناموس"، توجد ليس في القسم الأول من العهد القديم (التوراة)، و لا في القسم الثاني (الأنبياء)، و لكن في القسم الثالث (الكتابات)، وتحديداً في المزمور 82. معنى ذلك أن كل العهد القديم كان له قوة الناموس، أي ملزم بالإيمان و الطاعة من قبل الإسرائيليين.

في مزمور 82 نجد أن الله يحكم على قضاة إسرائيل من البشر الذين يحرفون الحكم. و لأنهم يفعلون هذا، صارت كل الهياكل الأساسية للمجتمع خارجة عن النظام.  يأمر الله هؤلاء القضاة أن يحكموا حكماً عادلاً؛ و يحذرهم أنه على الرغم أنه قال أنهم آلهة، إلا أنهم سيموتون مثل البشر. يدعو المرتل الله للتدخل و أن يدين الارض باستقامة.

و يستخدم يسوع هذا الجزء - جزء من الآية 6 – ليحاجج على صحة أن يدعو نفسه ابن الله. يُفهم بشكل صحيح، وهذه ليست سفسطة قليلة الذكاء من جانب يسوع في محاولة لتجنب تهمة التجديف. بل هي حجة تقليدية، و دعوى إلى سلطة لا تقبل الجدل. كان يسوع ببساطة يقول: "إذا كان من المناسب أن يدعو الله قضاة البشر "آلهة" (لأنهم يقفوا في مكان الله، و يحكموا باسم الله، و يمارسوا الحق الإلهي في الحياة والموت)، أليس من المناسب أكثر أنني، الذي حقا الله، يجب أن أدعو نفسي ابن الله؟" و بالتالي يسوع يستخدم مز 82: 6 لدعم مناسبة لقبه الخاص، ابن الله، و عند قيامه بذلك، وضع مبدأ أن اليهود لا يجب أن يتجرأوا على المخالفة: الكتاب لا يجب أن يُنحى جانباً! و الآن، لأي نسخة من الكتاب المقدس اشار يسوع؟ هل لأوتوجرافيا المزمور 82 أم إلى النسخ التى كانت لدى اليهود في مجامعهم، و التي يمكنهم مراجعة كلماتها و قراءتها بأنفسهم؟ على الارجح كان يشير إلى الأبوجرافيا. وبالمناسبة، فإن هذا النص لا يدلل فقط على موحاوية ( و بالتالي الحق و السلطة الإلهية) للنسخ، ولكنه يدلل أيضاً على الحفاظ دون تحريف أو إفساد، لحقائق الأوتوجرافيا في نسخ الأبوجرافيا، على الرغم من الأخطاء المحتملة في النقل و التسليم.

لا يتأثر أي جزء من الكتاب المقدس، بالنسبة لصحته و الحق المتضمن فيه، بقابلية المؤلف البشري للخطأ. و هذا واضح في 2 بط 1 : 20، حيث نقرأ: "عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ.  لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." و بالتالي، فإن ميول الكاتب لا تحل محل عمل الروح القدس.  و في نفس الوقت، كل قدرة و مو هبة للكاتب لا يتم احباطها بل يتم تعزيزها من قبل الروح القدس.6

 

حقائق الكتاب المقدس هى توكيدات دائمة و مؤكدة، ويمكن الاعتماد للظواهر الملحوظة. و هذا التأثير يمكن الاطلاع عليه في 2 بط 1: 16-19، حيث نقرأ:

"لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى:«هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ». وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ"

تشير "قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ" في هذا السياق إلى المجيء الأول للمسيح، و إلى حدث معين في خدمة ربنا عندما تجلى على الجبل أمام بطرس ويعقوب ويوحنا (متى 17: 1-5؛ مرقس 9 : 2-8؛ لوقا 9 : 28-36).   يقول بطرس أنهم لم يقيموا رواياتهم الخاصة بيسوع على خرافات مصطنعة، ولكنهم رأوا عظمته و سمعوا صوت الله يعطي المجد و الكرامة ليسوع. نطق هذا الصوت بنفس الكلمات التي سُمعت عند معمودية يسوع (متى 3 : 17؛ مرقس 1 : 11؛ لوقا 3 : 22) عندما حل الروح القدس عليه في هيئة حمامة.    بشكل ملحوظ، لفت هذا الإعلان إلى مزمور 2: 7، المزمور المسياني الذي يدل على دور ملكي لشخص هو ابن الله، و الى إشعياء 42: 1، الذي يشير إلى مهام عبد الرب المختار. و أنشأت في مسامعهم التحقيق المعين للكلمة النبوية. كانت حقائق الكتاب المقدس تأسيسية لتجربة التجلي، و أكدها الصوت السماوي. في المقابل، فإن التجربة نفسها كانت قد تم ربطها بشكل مؤكد بكلمة الله و تم تسجيلها على هذا النحو. لذلك، يحث بطرس جمهوره إلى الانتباه الوثيق للكلمة النبوية الشاملة؛ فهي نور يشع في ظلام العالم.

إن حقائق الكتاب المقدس سيفهمها أولئك الذين هم "متعلمين من قبل الروح". و سيتم تناول هذه المسألة الخاصة بالإستنارة بشكل مزيد أدناه ولكن، في هذه المرحلة، من المهم أن نلاحظ التأكيد على أن الروح الذي يفحص أعماق الله هو أيضا الروح الذي قد علّم الرسول بولس و سيعطي فهم لأولئك الذين عنهم فكر المسيح (1 كو 2: 10-16).

 

الوحي و الأبوجرافيا

من الواضح تماماً من خلال الدراسة السابقة أن أبوجرافيا الكتاب المقدس تعتبر كلمة الله، الصحيحة، الموثوق بها، و المعصومة (بمعنى عدم الفشل في قدرتها على تحقيق قصد الله). كيف يحدث هذا إذا ما أردنا إزالة عوامل الوحى المباشر و التنزيه عن الخطأ الناتجة منه؟ كيف يمكن تبقى محافظة على الخصائص الحيوية الأخرى للكتاب المقدس؟

لمواجهة هذا التحدي، فإنه من المفيد أن نفكر في مصطلح مُوحى به على أنه يشمل فئتين فرعيتين – الوحى كعمل، و الموحاوية باعتبارها خاصية. يشير الوحي لفعل الروح القدس، العامل فقط في تدوين الوحي الأصلي. و تشير الموحاوية إلى خاصية فريدة من نوعها، متأصلة في الأوتوجرافيا بالمعنى المطلق المباشر الأولي، و لكن موجودة أيضاً في الأبوجرافيا في معنى اشتقاقي ثانوي وسيط و نسبي بحيث يتم الحفاظ على الحق و تأكيد الفعالية. و كنتيجة لعمل الروح القدس الفريد في الوحي، توجد خاصية الموحاوية في الأوتوجرافيا بشكل مطلق و في الأبوجرافيا بشكل نسبي.  أما المصطلح مُوحى به فهو يشمل كلاً من الأوتوجرافيا و الأبوجرافيا.

 

من الإعلان إلى النشر

 

التحدي الذي يقف أمام نشر كلمة الله المعلنة على نحو فعال

من المهم الآن وضع هذه المفاهيم في المخطط الأوسع الذي يشكل وحي الله اللفظي بالحقيقة و استقبال الإنسان، و تفسيره لها، وتطبيقها.

يبدو من المناسب بشكل بارز أنه يتعين على بولس الرسول، بكتابته هذه الكلمات المذهلة في نهاية 2 تي 3 و المتعلقة بغرض كلمة الله، أن ينتقل مباشرة إلى الموعظة التالية:

أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ: اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ. (2 تي 4: 1-2).

 

 احتمالية الخطأ في خطوات التسليم

في هذه المرحلة، نعود إلى صفة مهمة و الأسئلة التي تثيرها. و هى الموحاوية، التي على رغم من أنها منتج للوحي، إلا أنها لا تتطلب خاصية النزاهة عن الخطأ. و على هذا، عند أي نقطة (نقط) تدخل الأخطاء في الصورة، و ما هو "الخطأ" بدقة و ما مقدار الخطأ الذي يمكن لخاصية "الموحاوية" أن تستوعبه قبل الوصول لنقطة فيها لا يمكن بمسئولية أن ندعو نسخ و اصدارات الكتاب المقدس التي نستخدمها "بكلمة الله"؟ و يمكن معالجة مشكلة مقدار الخطأ الذي يمكن لخاصية "موحاوية" أن تستوعبه ببساطة عن طريق نفي انطباق مصطلح "كلمة الله" على نسخ الكتاب المقدس التي في حوزتنا. و سيكون هذا بمثابة اعتراف (إن قلت حدته) بقبول أن أحد الاحتمالين صحيح: إما أن أي درجة من الخطأ تجعل مصطلح "كلمة الله" غير قابل للتطبيق على النسخ التي لدينا "الأبوجرافيا"، أو أن الكثير من الخطأ حدث على مدى قرون من النسخ المتكرر حتى أن كلمة الله أصبحت غير قابلة للاسترجاع بشكل يائس و صارت كشبكة متشابكة من الحقيقة والخطأ. الاحتمال الأول (أي أن أي درجة من الخطأ يجعل المصطلح غير قابل للتطبيق) يُبطل بوضوح من خلال حقيقة أن المسيح، بولس و بطرس جميعهم يتكلمون عن النسخ الغير منزهة عن الخطأ على أنها "كلمة الله".  و يجب فحص الاحتمال الثاني (و هو أن الكثير من الخطأ المتراكم يجعل المصطلح غير قابل للتطبيق على النسخ التي في حوزتنا) لمعرفة مدى الخطأ الذي دخل عملية تسليم كلمة الله من حالتها الأصلية كما قدمها الله إلى حالتها الحاضرة كما وصلت لنا.

 

الخطوة الأولى: الإعلان

الخطوة الأولى في تسليم كلمة الله هي الوحي/الإعلان ذاته. و هنا علينا أن نطرح سؤال: "ما معنى هذا و كيف يمكن لله إعلان الحق للإنسان المحدود؟" و من المفترض به سابقاً لتلك المناقشة هو أن الله موجود بالفعل و أنه كامل غير محدود قدوس وصالح و شخصي؛ و أن بداية الإعلان كانت بالكامل من عند الله؛ و أن الله يعلن ذاته ليتمم مقاصده.  الإعلان، إذن، هو الكشف الإلهي عن الحق الذي بدون ذلك هو غير معروف و يتطلب رد فعل من المُعلن له.

يبدأ العرض النظامي لعلم اللاهوت بشكل مميز بتناول الأنواع القياسية للوحي العام و الخاص. وقد تمت بلورة العام الوحي (و يسمى أيضاً بالوحي الطبيعي)، على أن الله يكشف عن صفاته الإلهية و سلطانه في الخليقة حتى أن الإنسان يصير بلا عذر. و يعتبر مزمور 19 و رومية 1: 18-20 هي الفقرات الرئيسية التي تثبت هذه العقيدة. و من المهم لهذه المناقشة هو أن الوحي الخاص يعتبر بيان الله اللفظي عن الحقيقة التي تكشف عن شخصيته و إرادته، و معنى الوجود الإنساني، و طبيعة العالم الروحي، و مقاصد الله للبشرية.

و بإدراك الصلة الديناميكية المعقدة و المستمرة بين ما قد فعله الله و يفعله، و تفسيره؛ فإن اللاهوتيين أيضاً يقدمون المسألة من حيث الوحي بالأفعال العظيمة لله و الكلمة النبوية. و تشمل "الأفعال العظيمة" ليس فقط العمليات الإبداعية الملحوظة و عمليات الحفاظ و لكن أيضا التدخلات الإلهية الله الخارقة، و التي فسرتها الكلمة النبوية و الرسولية.  إن فعل الخلق ذاته بدأ و تم عن طريق الكلمة الإلهية. و خلق الجنس البشري، في مجال الوحي العام، قدم موضع للوحي الخاص. فقد صار آدم "أداة" للكلمات، والكلمات النبوية، وفي النهاية الكلمة المتجسد. الكلمات و اللغة هم اساسات المشروع بأكمله.

إن الآثار المترتبة على هذا الإدعاء بالفهم البشري للحقيقة مذهلة.   و يعنى الخلق بكلمة أن هناك شيئاً جوهرياً يوحد بين شيء ملحوظ و اللغة التي تدل عليه.  و هو ما يعني أيضاً أن هناك أساس عالمي لمعرفة الواقع المخلوق و معرفة الخالق.  و كمخلوقات جُعلت على صورة الله، لدينا الملكات الضرورية لتلقي حقيقة الله المقدمة في وسائل الكلمات واللغة و النص، في نهاية المطاف.7  و في هذا الصدد ، ليس مجرد حادث شعري أنه عندما خلق الله الإنسان، نفخ في أنفه روح حياة (تك 2: 7)، و عندما أنتج كلمته، و وصفها بأنه "مُوحى بها" (2 تي 3: 16).

و مجمل القول، يمكن أن تكون الحقيقة قد نُقلت في أنظمة اللغة أي كلا من "إعادة عرض" الظواهر الطبيعية للوحي العام و التقديم الخارق عن طريق التجريد و المجاز. و هذا يتصل لتحقيق الخلاص، بطبيعة الحال، في الكلمة المتجسد. و تتضح الآثار المترتبة على هذه الصلة عندما نفكر في عبرانيين 1: 1-3؛ يوحنا 1: 1-18 و الأمثال 8: 22-31.

ومع ذلك، فهناك أولئك الذين يدعون: "نعم، يمكن لله أن يكشف الحقيقة حول ذاته و عالمه، و لكن ما أعلنه ليس معصوم من الخطأ عند تقديمه في لغة الإنسان؛ أنها فقط جديرة بالثقة بشكل عام"- مع الإيحاء بأن إعلان الله يتضمن خطأ. و هو بالتساوي موقف تحدي يعلن أن الكتاب المقدس معصوم فقط فيما يتعلق بمسائل العقيدة و الممارسة. فيما يتعلق بقضايا أخرى، مثل الأحداث و ملاحظات العالم الطبيعي، لا يدعي النص الكتابي العصمة لنفسه و القيام بذلك نيابة عنه هو تجاوز لقصد الله كمؤلف إلهي له.  و هذه دعوة للتأمل الوجيز بشكل إضافي في طبيعة الله و كلمته المعلنة.

و إذا ما كان ما أعلنه الله خطأ، فمن ثم إما أنه يجب أن يكون فعل ذلك عمداً أو أنه لا يمكن إلا أن يقوم بذلك. و إذا أعلن عمداً خطأ، فإن ذلك سيكون بمثابة خداع، و هو الأمر الذي يتعارض مع طبيعة الله كما هو واضح في الكتاب المقدس. يقول الكتاب المقدس نفسه بشكل متكرر أن الله لا يكذب (عدد 23 : 19؛ عبرانيين 6 : 18، تيطس 1: 2). و إذا، من ناحية أخرى، لا يمكن لله إلا الإعلان عن الخطأ، فمن ثم إما انه ليس كلي العلم (أي، أنه كان يجهل حقيقة أنه قام بالإعلان عن الخطأ) أو انه ليس كلي القدرة (كان ببساطة غير قادر على التواصل دون خطأ) . و لا يتناسب أي من هذه البدائل مع الشهادة الشاملة للكتاب المقدس عن طبيعة الله.

و بمناقشة 2 تي 3 : 16 تم اثبات أن كل الكتاب هو كلمة الله. و ليس النص الكتابي، بالتالي، نتاج المجتمعات الدينية التي تمكنت من تضمين كلمة الله كجزء من التراث المكتوب لها. و أن نزعم بأن النص الكتابي يحتوي فقط على كلمة الله يتركه عرضة للتجريد إلى جوانب يتم الحكم عليها على أنها ذات صلة "بالإيمان والممارسة" و تلك التي ليست كذلك. و بدلاً من ذلك، و بحسب إعلان بولس، الصفات الوصفية، "مُوحى به من الله" و "نافع"، تنطبق على الكتاب المقدس في مجمله.

و بعد أن أكدت صدق حقيقة شخصية الله و وحدة كلمته، تجدر الإشارة إلى أنه تم تقديم وحي الله إلى عالم مشوه و ملتوي بالخطيئة، حيث صارت العمليات الفكرية محدودة و غالباً ما صار الباطل جزءاً من التفاعل اللفظي. و من بين أمور أخرى، فالوحي هو عن آثار الخطيئة في العالم. وهكذا، كلمة الله المعلنة ستعكس تعقيدات الإدراك البشري و وجودها في هذا العالم.

 

الخطوة الثانية: الوحي

و هذا يبدأ العملية التي اختارها الله لتحقيق هدفه خصوصاً فيما يتعلق بالنصوص التي ترد في اللغة البشرية. و كما رأينا أعلاه و سنناقشه أدناه، فإن كلمة الله كانت بوساطة أفراد مختارين. ومع ذلك، على الرغم من أن تحديد الحدود إلى حد ما هو صوري، من المهم أن نميز أنشطة الله "بالوحي" بكلمته "و انسياق" المستلمين من البشر في عملية توصيل الحقيقة. و لأن هذه الأنشطة كانت خاصة به تماماً، لذا يجب أن تُعتبر المنتجات الناتجة صحيحة تماماً.

 

الخطوة الثالثة: التدوين

يشير التدوين إلى وضع كلمة الله المُوحى بها في شكل مكتوب على يد البشر. و بعبارة أخرى، في هذه المرحلة، بدأ العهد بعملية الوحي للبشرية و نحن ندرك الأنشطة الفكرية العادية للإنسان في هذه العملية. لقد بحث لوقا. و رد بولس على القضايا و الأسئلة. أما الأنبياء، كاتبو المزامير، و مؤلفو نصوص الحكمة فقد أثاروا الأسئلة. و نقل عزرا عن الوثائق المحفوظة (7: 11-26). و بينما كان الروح القدس هو القوة العاملة (2 بط 1: 19-21) وكانت الكلمة مُوحى بها من الله (2 تي 3: 15-17)، فقد كان لكل مؤلف مواهبه الخاصة، و مجال ثقافي زمني محدد، و أهداف واضحة، و جمهور محدد. و لأن الله كان لا يزال الشخص المسيطر في هذه المرحلة من العملية، فقد تم تسجيل الحقيقة بطريقة لا يشوبها خطأ. ومع ذلك، الامور التالية أيضاً تصبح واضحة في هذه الخطوة: اختيار و تكييف المواد لتناسب احتياجات الجمهور بشكل افضل؛ إغفال الكثير من التفاصيل التي قد نحب أن نراها مشمولة؛ استخدام معلومات ذات خلفية خاصة؛ استخدام الأشكال و الصور الأدبية التي تضرب على وتر حساس الذي يكون الجمهور على دراية به و لكن قد يبدوا غريباً أو غير صحيحاً للقراء في الوقت المعاصر؛ و الاقتباس من المصادر المتاحة للمؤلف البشري التي قد يكون لها جوانب متناقضة (انظر المثال أدناه). و من الواضح أن الخيارات اللازمة بشطل متكرر هى خاصة بما نشمل و كيف نقول ذلك. قد تكون هذه الخيارات لأسباب أدبية أو وعظية (باستعمال صيغ المبالغة لتوضيح نقطة ما)، أسباب تقليدية نصية (استخدام نص تقليد السبعينية أو السامرية بدلاً من النص العبري) أو أسباب ثقافية اجتماعية ودينية.

و هناك مثالين قد يخدمانا لتوضيح هذه التحديات المتنوعة التي واجهها المؤلفين. فمثلاً، القراءة الدقيقة للتفاصيل في عظة استيفانوس في أعمال 7 مع السجل في سفر التكوين تشير بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام. لعل أبرزها هو أع 7 : 16.  ذكر القبر الذي اشتراه إبراهيم في شكيم على أنه المثوى الأخير ليعقوب و ابنائه ليس هو ما نقرأه في سفر التكوين 23: 17-18؛ 33: 18-20؛ 35 : 27؛ 49 : 30؛ و 50 : 13 (انظر أيضاً يش 24 : 32). و مع ذلك، على الرغم من أن التفاصيل النصية لا تتطابق بالضبط، و المفتاح هو أن ندرك أن ما يهم لوقا كمؤرخ هو أن يسجل بصدق ما قاله استيفانوس للسنهدرين، بدلاً من تصحيح ذلك ليتماشي مع رواية سفر التكوين. و يمكننا فقط التكهن بشأن الأسباب التي جعلت استيفانوس يقدم الموضع كما فعل. بل هو أيضاً من المصلحة أن لوقا قد حصل على نص هذا الخطاب المستعمل، و ربما من بولس، لأنه هو نفسه لم يكن حاضر الموقف.

و كأمر توضيحي للشكل الأدبي الذي كان واضحاً في الثقافة الأوسع هو إشارة بولس في 2 كورنثوس 12: 2-4 لكونه اختطف إلى "السماء الثالثة" التي كانت الفردوس. و تشير النصوص الخارجة عن الكتاب المقدس من نفس الفترة العامة إلى أنه يتم اعتبار عالم ما وراء الوجود الدنيوي في كثير من الأحيان كمستويات السماء، و أن المستوى الثالث تم تحديده على أنه الفردوس.  و كان لكل مستوى محتويات معينة؛ فقد كان المستوى الثالث مكان لراحة المنتقلين.8 إذا كان هذه هى "الحقيقة" عن السماء فهذا ليس الموضوع. فقد كانت طريقة للتحدث عن ذلك الذي كان لا يوصف و مع ذلك فهو أمر ذو جاذبية لليهود خلال قرون الاضطهاد. يستخدم بولس ذلك الإطار المفاهيمي لتقديم وجهة نظره و بطرس قد فعل ذلك أيضاً (1 بط 3: 18-19) عندما تحدى جمهوره لتقديم جواب بنفس الطريقة كما فعل المسيح عندما "كرز للأرواح التي السجن ".   و هكذا كما هو معتاد، فإن "المستوى" الثاني من السماء كما بدا في وصف النصوص الخارجة عن الكتاب المقدس هو يحتوي على تلك المخلوقات الملائكية المتمردة التي قادت الناس إلى الضلال في أيام الطوفان.

و توضح هذه الأمثلة قيمة التحقيق الجاري للنص. و بوضوح، فالعمل التفسيري لدينا (الخطوة السادسة) يؤثر على فهمنا لسياقات المؤلفين و نواياهم كما تظهر في مرحلة التدوين هذه.  قبل كل شيء، من المهم أن أؤكد مجدداً أن كل هذه العوامل هي داخل وليست خارج، العمل السيادي لله الروح القدس.

 

الخطوة الرابعة: الحفظ عن طريق التسليم

الخطوة الرابعة هي الحفاظ على النص من خلال عملية النسخ. و هنا علينا أن نطرح هذا السؤال: "هل حفظ الله وحيه المدون بشكل بحت في الأبوجرافيا؟" و بالنسبة لهذا السؤال يجب أن نقدم إجابة متفاوتة. فإذا ما المقصود "بحفاظ بشكل بحت" هو "الحفظ دون أخطاء"، اذن يكون الجواب بالنفي. و لكن إذا كان المقصود أن حقائق الكتاب المقدس بقيت دون إفساد، يكون الجواب نعم.

و يكمن أساس هذا الادعاء في نظام النقد النصي الذي فيه يتم جمع المخطوطات العبرية و اليونانية الموجودة، و تنظيمها في مجموعات تمثل التقاليد النصية، و من ثم يتم تقييمها لتحديد ما قد يكون الأقرب منها إلى النص الأصلي. في هذه العملية، تعتبر الترجمات القديمة (انظر أدناه)، و استشهادات آباء الكنيسة الأولين و كتابات الحاخامية هي أيضاً مفيدة.

و بوضوح، فإن هناك عوامل أثرت على انتقال النص؛ و أشمل ما فيها هو الوقت. فتقريباً في خلال فترة الـ1000 سنة التي تم خلالها تأليف الكتاب المقدس العبري، شملت تغييرات في اللغة ادت إلى تحولاً كاملاً للأبجدية من الحروف القديمة للعبرية إلى المربع النصي الآرامي، و تغيرات في الإملاء و النحو و بناء الجملة، و تحولات في معاني بعض الكلمات. و هذا تم حتى قبل العمليات اللاحقة لنسخ النص كله في القرون التالية. و تم تأليف نص العهد الجديد اليوناني في إطار زمني أقصر بكثير، بحيث كانت التركيبات اللغوية أكثر استقراراً. و مع ذلك، كان هناك نهج مختلفة لدقة الحفاظ على النص و تقديمه في الكنيسة الأولى، الأمر الذي أدى إلى تكوين مجموعات نصية متمايزة. كما أدى الوقت إلى تلف و تدمير المخطوطات. و أخيراً، فإن البشر الذين شاركوا في العمل قاموا بأخطاء لم تكن مقصودة، مثل الخلط بين الأحرف المتشابهة، ترك حروف أو كلمات و تكرار كلمات أو عبارات. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك جهود متعمدة في بعض الأحيان نحو تنسيق المواد، و تذليل القراءات الصعبة و القضاء على التعبيرات البغيضة.

و بعد أن تكلمت عن هذه العوامل، من المهم أن أبدي بعض الملاحظات بخصوص نتائج النقد النصي لكل من الكتاب المقدس العبري و العهد الجديد اليوناني.  فهناك أكثر من 600 من المخطوطات جزئية و كاملة من الكتاب المقدس بالعبرية، بما في ذلك نصوص من التقليد الماسوري، و من مجتمعات البحر الميت (قمران، نهال هيفير، ماسادة)، من التقليد السامري، و كذلك شظايا فردية مثل بردية ناش و تميمة الفضة التي اُكتشفت في وادي هنوم.  و يعتبر النص الماسوري ذو أهمية خاصة بسبب الحذر الشديد الذي به قام الكتبة العبرانيين، و تم تسميتهم في وقت لاحق الماسوريين، بالحفاظ على الماسوراة (تقليد النص). لقد أحصوا الحروف و الكلمات و الآيات و الفقرات في كل اسفار الكتاب المقدس بأكملها، و وجدوا الكلمات الوسطى في الأسفار، و أشاروا إلى الأشكال الخاصة، و كان لديهم نظام محكم لفحص و وسم النص. و تتمثل هذه السجلات الدقيقة سواء في الملاحظات الهامشية أو في مجلد مستقل و هذا هو ما يعادل الملاحظات النهاية. و لأن النص نفسه كان مقدس، فإنهم لم يقوموا بتصحيحه؛ بدلاً من ذلك قدموا التعليقات التوضيحية الوفيرة. بالإضافة إلى ذلك، لأن النص العبري قد استند بشكل أساسي على الحروف الساكنة فقد أضافوا علامات حروف العلة من أجل الحفاظ على النطق. و الأمر اللافت للنظر هو مدى قرب هذا التقليد من النص، و الذي يعتبر أقرب مثال عليه يعود تاريخه الى نهاية القرن التاسع الميلادي، يتوافق مع النصوص الكتابية للبحر الميت التي ترجع إلى ما يقرب من ألف سنة في القدم. و هذا يعطينا الثقة أنه بالفعل تم الحفاظ على النص بطريقة دقيقة بشكل ملحوظ. 9

لدينا حوالي خمسة آلاف مخطوطة يونانية للعهد الجديد. و تشمل هذه على وجه التقريب: (1) 100 مخطوطة بردية، يرجع تاريخها في القدم إلى القرن الثاني. (2) 260 مخطوطة من الرقوق (أنسيال؛ أي ذات الأحرف الكبيرة)، و التي يرجع تاريخها في القدم إلى القرن الثالث. (3) 2700 مخطوطة متصلة الأحرف الطويلة (النسخ)، و يرجع تاريخها من القرن التاسع و حتى القرن السادس عشر. (4) العديد من كتب القراءات الكنسية، تحتوي على مقاطع من العهد الجديد لاستخدامها في خدمات الكنيسة. و (5) عدد من الشقفات و التمائم. و بالإضافة إلى هذا الدليل من المخطوطات، لدينا حلقة عدد من آباء الكنيسة الأوائل، و عدد منهم شمل اقتباسات من العهد الجديد في كتاباتهم. دعونا نلاحظ خمسة من هؤلاء الكتّاب، الذين ماتوا قبل 255 م و السادس مات في 340 م. و كانت عدد الإقتباسات من العهد الجديد المدرجة في كل كتاباتهم على النحو التالي: (1) إيريناؤس 1819؛ (2) و كليمنضس السكندري (2406)؛ (3) العلامة أوريجانوس، 17922. (4) ترتليان، 7258؛ (5) هيبوليتوس 1378. و (6) يوسابيوس، 5176. 10 و هكذا، فإن التحدي لنقد نص العهد الجديد هو في تنظيم و تقييم هذه الثروة من البيانات. و يرجع العدد الأكبر من التباينات إلى الاختلافات في الهجاء يليها السهو عن كلمات يونانية صغيرة أو تغيرات في ترتيب الكلمات. و هذه ليست العوامل التي تؤثر على جدارة النص بالثقة في تقديم و نقل الحق.

في حين قد يكون هناك الشوق أحياناً أن يكون في متناول اليد واحدة من الاتوجرافيا المطمئنة لنا، فمن المفيد أن نتذكر إغراء مثل هذا الأمر سيكون بالنسبة لأولئك الذين يملكون ذلك. و لن تكون هذه المرة الأولى التي يتعرض البشر لصنع صنماً من شيء كان في البداية مفيداً. لاحظ ما فعله إسرائيل مع الحية النحاسية في سفر العدد اصحاح 21. فقد كان على حزقيا القيام بتدميرها كجزء من الاصلاح لانهم كانوا قد بدأوا بعبادتها (2 ملوك 18:  4).

 

الخطوة الخامسة: الترجمة

و يجب تناول عدة عوامل واضحة في هذه المرحلة فيما يتعلق برحلة النص. أولاً، تعتبر أهداف الترجمة من الأصل إلى اللغة المستقبلة هي الدقة و الملاءمة، و الحفاظ على الشكل قدر الإمكان. و هناك، مع ذلك، عقبات يجب التغلب عليها في مسألة الترجمة، تماماً كما كانت هناك عوامل تؤثر على انتقال النص. فكل لغة لها نظام يختلف من حيث النحو و بناء الجملة، و مدى دلالة الكلمات. فمن المستحيل أن تجد مكافئات دقيقة في أي من هذه الفئات. و على المترجمين تحديد أفضل السبل لتمثيل نص اللغة الأصلية في اللغة المستقبلة، وما إذا كانوا سيختاروا الترجمة الحرفية، التي تسعى لحفظ المعاني الدقيقة للكلمات و تحافظ على ترتيب الكلمات، أم ترجمة حرة للأفكار و المفاهيم. فالترجمة من النوع الأول تميل أن تكون خطيرة،  و تحتوي على مفارقات، قد تفقد معنى النص في عمليات الترجمة الحرفية بشكل مفرط. و من ناحية أخرى، فإن هذه الأخيرة قد تفقد بعض من "نكهة" النص الأصلي. و في الوسط، تحاول نظرية التكافؤ الديناميكي للترجمة أن تقوم بترجمة الكلمات و التعابير، و الإنشآت النحوية إلى مكافئات مناسبة في اللغة المستقبلة. و من الناحية العملية في هذا الصدد، سيقوم الدارس الحذر للكتاب المقدس بالرجوع باستمرار لترجمات متعددة استخدمت أساليب مختلفة للترجمة، وإذا أمكن، يدرس اللغات الأصلية.

و تميل عبرية الكتاب المقدس إلى استخدام الصور المجازية بشكل واسع النطاق، و القليل من التجريدية، و الجملة المدمجة. بالإضافة إلى ذلك، يوجد فيها فقط زمانين نحويين، إلا أنه هناك تنوع و تركيبات في كيفية استخدام هذين الزمانين. و هذه العوامل واضحة ولا سيما في الشعر الذي يضم ما يقرب من ثلث الكتاب المقدس العبري. و عندما ينشأ الغموض في هذه السياقات، يواجه المترجم مشكلة الاختيار من بين خيارات متعددة ليترجم فقرة معينة. و على النقيض من ذلك، فإن اليونانية تسمح بكلا من الدقة و التجريد. و في ضوء هذا الفرق التصويري، من المفيد لأغراضنا أن كتّاب العهد الجديد الذين اقتبسوا من السبعينية اليونانية (بدلاً من تقليد المخطوطات الماسوريه) بينما يستشهدوا بالعهد القديم، نقلوها بوضوح على أنها الكتاب المقدس و اعتبروها ذات السلطة الكاملة لكلمة الله حتى و أن كانت هناك، في بعض الحالات، اختلافات ملحوظة. و مع ذلك، فمن الواضح أنه تحت الهام الروح القدس، أفاد نص الترجمة اليونانية لتوصيل الحق الذي يؤدي إلى الخلاص.

ثانياً، و من المهم بمكان تناول قيمة الترجمات القديمة كأدوات في إنشاء أفضل نص (انظر القسم السابق). و تعتبر السبعينية اليونانية مفيدة كمصدر لتناول الفقرات الصعبة في العهد القديم. و ذلك لأنها أقرب ترجمة موجودة (القرنين الثالث و الثاني قبل الميلاد)، و هى مؤشر مهم لكيفية فهم الكلمات التي استخدمت مرة واحدة فقط أو بشكل غير منتظم، بواسطة الجماعات اليهودية التي تتحدث اليونانية. كما أنه يمكنها أن تساهم في بعض الأحيان في عملية تحديد أفضل تسليم للنص على الرغم من أن المخطوطات العبرية تعتبر الشهود الأولية. و تعتبر الترجمات الآرامية، المدعوة الترجومات، أقل قيمة لناقد النص، ولكن ذات أهمية كبيرة للمفسر. و بالمثل، فإن الترجمة اللاتينية القديمة (حوالي 250 م) و الفولجاتا لجيروم في القرن الرابع لها بعض القيمة في كلا من نقد النص و التفسير.

نعود إلى السؤال الأساسي بشأن هذه المرحلة: " هل يمكن ترجمة أفضل نص مشهود له للكتاب المقدس بمثل هذه الدقة حتى يمكننا أن نطلق بثقة على النسخة الناتجة أنها `كلمة الله`؟" الجواب بلا شك بالإيجاب لأن المترجمين الذين كانت لهم مواهب و كانت لهم خبرة واسعة في الترجمة من الأصل إلى اللغات المستقبلة حققوا أهداف الدقة و الملاءمة، و استمرارية النموذج.

 

الخطوة السادسة: التفسير

و يعتبر الخوض في ساحة التأويل و التفسير مسعى ضخم و هذه الملاحظات الخاصة بهذه المرحلة السادسة تقوم ببساطة بدراسة أسس الثقة التي لدينا في أنه يمكننا فهم المعنى المقصود من الكتاب المقدس، و تلاحظ العوامل الرئيسية التي تؤثر على الجهود التفسيرية لدينا، و تذكر العديد من "القضايا الساخنة" في عملية التأويل و التفسير في الوقت الحالي.

و ينطوي الايمان الذي يؤدي إلى الخلاص على المعرفة بـ، و الموافقة على، و الثقة بالحقائق الخلاصية الخاصة بتجسد المسيح، و كفارته و قيامته. و تعتمد جميع العناصر الأساسية للإيمان المسيحي على فهمنا لنصوص الكتاب المقدس التي تشير إليها، و التي تروي خدمة يسوع، و التي تفسر حياته و خدمته للكنيسة.  و لأن المؤمنين قد وُلدوا من جديد من روح الله، فإنه يمكنهم فهم ما لروح الله (1 كو 2: 14-15). و لأن لديهم عطية الفهم الروحي بسبب سكنى الروح القدس فيهم، فهم قادرون على إدراك وتمييز الحق (1 يوحنا 2: 20-21، 27). الروح القدس هو الكاتب المعصوم للكتاب المقدس و المفسر المعصوم للكتاب المقدس؛ و بالتالي يمكن للمؤمنين أن يكون لديهم الفهم الصحيح لكلمة الله.

أما وقد قلنا هذا، فإنه من الواضح أن من بين المسيحيين هناك الذين يعتنقون لاهوت المدرسة الافتراضية (التبريرية) و الإسْتِدْلالِيّين؛ اتباع خلقية الأرض الفتية و اتباع خلقية الأرض القديمة و اتباع التطور الإلهي؛ الكالفينيين و الارمينيين و اتباع لاهوت الانفتاح؛ المعمدانيين و المؤمنين بمعمودية الاطفال من المعمدانيين؛ و اتباع النظرية التدبيرية و اتباع لاهوت العهد؛ الذين يؤمنون باختطاف المؤمنين قبل الضيقة العظيمة و الذين يؤمنون باختطاف المؤمنين وسط الضيقة العظيمة و الذين يؤمنون باختطاف المؤمنين بعد الضيقة العظيمة و العديد من الأسماء الأخرى عن جماعات مختلفة.  و في الواقع، بل حتى يوجد المؤمنين بتنزيه الكتاب المقدس عن الخطأ و غير المؤمنين بتنزيه الكتاب المقدس عن الخطأ! كيف يمكننا التوفيق بين هذه الاختلافات في التفسير مع الادعاء بأنه من الممكن أن يكون هناك فهم صحيح لكلمة الله؟ هل يجب أن نقول أن كل هذه التفسيرات صحيحة، و أن كل منها تم الوصول إليه من قبل المفسر المعصوم للكتاب المقدس، أي الروح القدس؟

و يمكن معالجة هذه الفوارق من خلال ملاحظة عدة عوامل رئيسية. أولاً، محدودية الوجود الإنساني و استمرار آثار الخطيئة عليه حتى على فهم المتجددين بين البشر، بمعنى أن كل مفسر سيكون له منظوره الخاص و لن يوجد تفسير مثالي. و في أغلب الأحيان، يشكّل فخرنا، طمعنا أو كسلنا الطريقة التي بها نختار فهم النص. علاوة على ذلك، تتصور تفسيراتنا بحسب وجودنا في زاوية معينة من العالم الساقط في وقت معين في تاريخ البشرية. و سوف تؤثر أجيال من الخبرة على كيفية فهم القراء في كل سياق للكتاب المقدس. فلا مناص من أن الكائنات البشرية المحدودة و الموجودين في أطر معينة من الزمان والمكان؛ لن يكون لهم فهم كامل لكل الواقع. و يعتبر الاقرار بأن هناك مسافة بين المؤلف و القارئ في أي نص معين، أمراً حيوياً. ومع ذلك، فإن الفجوة لا يمكن تجاوزها؛ فالنص يتوسط بين "آفاق" ثقافية و جغرافية و زمنية .11 وعلاوة على ذلك، فإن هذه القضايا الخاصة بالمنظور و السياق، ليس من الضروري أن ينظر إليها بشكل تام على أنها قيود سلبية. بل بدلاً من ذلك، فإن الروح المتواضعة المستقبلة التي تميل إلى التعلم من نهج جديدة؛ قد تأتي بآثار عظيمة.

ثانياً، هناك اختلافات في أنظمة التأويل التي وضعها علماء الكتاب المقدس. و لأن الواقع معقد جداً بشكل مدهش، فأي محاولة لفحص جوانب منه، تلجأ إلى نوع ما من المنهجية و النظام. و في حين أن الأطر الناتجة تسمح بصياغة النتائج التي توصلنا إليها بطريقة منظمة، كل منها يغفل حتماً بعض الأشياء، و يعطي المزيد من الاهتمام أو الأولوية للآخرين. و قد يتم تشكيل طبيعة النظام المحدد أو المؤسس بواسطة أجندات ذات الأهمية لمجتمع معين من القراء. و يمكن للأطر التفسيرية التي شكلتها خبرات المجتمع أن تصبح بسهولة أدوات أيديولوجية تُستخدم لصالح هذا المجتمع. و هذا بدوره يمكن أن يُولد نقاط مبهمة خاصة بها. امثلة لهذا هو التحديات الخاصة التي أثيرت من قبل أولئك الذين هم على حد سواء منغمسين في لاهوت التحرير و النقاد للاهوت التحرير و مختلف "ما تولد عنه".   إن اختيار "نقطة انطلاق" محددة على حساب نقط أخرى يمكن أن تؤثر على النتائج النهائية؛ غالباً ما تشكل طبيعة الأسئلة المطروحة إلى درجة ما الاجابات.12

و يتعلق بهذا هو زيادة وعينا بالأنواع الأدبية الغنية التي تكوّن النص الكتابي. و تعتبر الحقائق اللفظية حول طبيعة الله، و عن تلك العوالم غير الموصوفة وراء وجودنا المكاني والزماني، و عن حياتنا في هذا العالم مصاغة في فقرات التي ترشد و تحث، و تروي و تسجل الأحداث، و تعبر عن التمجيد، و تطرح الشكوك و الأسئلة. و تتطلب وصايا العهد، الشعر الغنائي، و النصوص الرؤيوية، على سبيل المثال، تصور حريص و تأمل مدروس من جانب القارئ و المفسر.13

ثالثاً، على افتراض أن نظرية شخص ما التفسيرية هى موثوقة، إلا أن هناك فجوات متكررة بين النظرية الجيدة و الممارسات السيئة لأننا جميعاً ممارسين غير معصومين، نتأثر في كثير من الأحيان بما نريد أن نجد في النص على عكس ما هو موجود بالفعل في النص.

رابعاً، كثيراً ما يكون هناك فشل في تمييز الضروريات عن غير الضروريات، أو الحقائق عن الخصائص. و كثيراً ما يشوب سعينا نحو الحق رغبة فخورة أن نكون على حق.

و إنه، في الواقع، لمن الأهمية بمكان أنه في الخطوات اللاحقة للوحي، تزداد المسؤولية الواقعة على عاتق البشر. و يبدو و أن درجات أكبر من الخطأ تتضح في كل خطوة حيث يتوالي الابتعاد عن النص ذاته حتى نصل لتناولنا غير المعصوم للنص. و يمكننا أن نخلص إلى أنه كلما زاد تحرر العقل البشري، كلما زادت تجربة الفخر كقوة محفزة بطريقة ما لتصبح جزءاً من الصورة. و هكذا، ربما تسمح لنا السيطرة الله الإلهية وخاصة هنا، بخلاف كاف لدفعنا نحو التواضع الصحي لنطلب حكمته.

و في خضم كل هذه الاختلافات في التفسير، من المهم بشكل خطير أن نعترف أن فهمنا، تأويلاتنا، و ممارستنا و تشديداتنا، هى بنعمة الله، قابلة دائما للتصويب و التصحيح و التعديل. بالاضافة إلى ذلك، فإن جميع المسيحيين المولودين من جديد لديهم قواسم مشتركة أكثر مما لديهم من فروق؛ لديهم وحدة أعظم مما لديهم من تنوع؛ و هناك أكثر مما يوحدهم عما يفرقهم. و هذا نفقده في وسط شدة الصراع.  إنه لمن المهم أن نحتفل بنعمة الله التي اشترانا بها من عبودية الخطية.

و كما يقول اعتراف وستمنستر، الفصل الأول، الفرع السابع:

كل الأشياء في الكتاب المقدس ليست في نفس السهولة، و في نفس الوضوح للكل؛ و مع ذلك، فتلك الأشياء الضرورية أن تكون معروفة، و نؤمن بها، و نحفظها للخلاص، هى مطروحة بشكل واضح، و متاحة بشكل صريح في مكان ما أو غيره من الكتاب المقدس، ليس فقط للعلماء، ولكن للأميين، و بالوسائل العادية، ليبلغوا الفهم الكافي لها.

الخطوة السابعة: الإنتشار

و هنا نطرح هذا السؤال: "متى، من خلال العرض، والتوضيح، و التطبيق و الإقناع، نحاول التبشير أو التعليم بجزء من الكتاب المقدس، يمكننا القول بشكل صحيح أننا نبشر أو نعلم بكلمة الله؟" في أعمال الرسل 4 :30 نجد تجمع آلاف المؤمنين معاً، وكما قيل لنا انهم "امتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بكلمة الله بجرأة". في سفر أعمال الرسل 8 : 4 قيل لنا عن التلاميذ الذين تشتتوا من كنيسة أورشليم "لذلك، أولئك الذين قد تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة" و 2 تي 4: 2 يحض بولس ابنه في الإيمان أن "يبشر بالكلمة!" و هكذا، فمن الواضح أن الأتباع الأوفياء للمسيح كان و سيظل متوقعاً منهم أن يشهدوا بالتبشير و الإعلان الصادق لكلمة الله المتاحة لهم.

هذا تحدي بعينه في بيئتنا المعاصرة ولأن اجتمعت الكلمات بما يقابلها في الصور. و تعتبر العبارة المأثورة "الصورة افضل من ألف كلمة" أمراً مسلماً به.  و للتأكيد، فإن الصور و العروض المرئية للإنجيل مقنعة ويمكن أن تكون فعالة جداً، و لكن جاذبيتها في كثير من الأحيان عاطفية فقط بدلاً من إشراك الجمهور في تفكير مدروس بشأن الحقيقة التي تنقلها. و يعتبر ما قد تم التضحية به بشكل متكرر في عملية عرض الحقيقة، و ذلك لجذب انتباه الجماهير و ترفيه العامة، هو مسألة الوضوح و الدقة. و لتحقيق أغراض الوحي، فإن الكلمات و المختار منها بعناية، تعتبر ضرورة مطلقة.

 

الخلاصة

ويتضح من الاستكشافات السابقة، أن إمكانية الخطأ في النقل و الاستخدام العملي للنص الكتابي كما هو لدينا الآن هو أمر جدير بالذكر. و أخيراً، عندما يترك الناسخ كلمة بسبب التعب و إجهاد العين، فإن ذلك يشكل خطأ في نقل النص. و بالمثل، على افتراض أن الكلمة العبرية كاران تعني حرفياً أن وجه موسى ظهر "بقرون" (خر 34 :35) كان خطأ في الترجمة التحريرية و التفسير الذي أدى إلى انتاج بعض الأعمال المشهورة جداً و الغريبة في الفن. و يمكن أن تتضاعف هذه الأمثلة في كل مرحلة من المراحل التالية للتدوين. ومع ذلك، في حين أن مهمة التعامل مع التعقيدات المتعددة لهذه العمليات هي في الواقع أمراً صعباً، إلا أن واحد من مواطن جمال المجتمع المسيحي هو دورها الحيوي في الحفاظ على حق الله المعلن. و بحضور الروح القدس، يجب أن يكون جسد المسيح العامل بشكل صحيح هو المكان الذي تُناقش فيه التقاليد مختلفة للنص، الترجمات الممكنة، و التفسيرات البديلة بشدة. و على عكس ما يبدو أن يكون حنين عام للإتساق وعدم وجود حجة جيدة، فإن الوحدة على الحقائق الأساسية لا تتهدد عن طريق النقاش حول القضايا الأكثر هامشية. في الواقع، هو أمر محفز و جيد (راجع سفر الأمثال 27 : 17) و يؤدي إلى مزيد من الفهم و التقدير لثراء كلمة الله و العالم. ففي المجتمع المسيحي لدينا الفرصة لممارسة التوازن الدقيق لعقد قناعات قوية و فعل ذلك بتواضع و استعداد للاعتراف بالخطأ.

و للعودة إلى النص الأساسي لقناعاتنا، نؤكد أن الموحاوية هى الخاصية الخارقة لحمل الكلمة، و التعبير عنها، و الحفاظ عليها بما يضمن أن الكتاب المقدس، بعد عملية الوحي، هو وحي الله و منه.  و تعتبر هذه الخاصية نتاج للوحي. و هو ما يعني أن الحق تم الحفاظ عليه و تم تأكيد فعاليته، و هذا يميز ليس فقط نص المخطوطات الأصلية للكتاب المقدس، ولكن أيضا نصوص جميع نسخ الكتاب المقدس، إلى درجة أن نصوص تلك النسخ تعيد انتاج نص الأصول بأكبر قدر من الأمانة.

دعونا اذن نتشجع، و متحقيقين من العناية الملحوظة التي مارسها الله في حفظ كلمته، دعونا ننشر كلمة الله الحية بكل ثقة، في قوة الكاتب الإلهي، الروح القدس، للمجد و الإكرام الأبدي للكلمة المتجسد، الرب يسوع المسيح!

 

مراجع مختارة

فيي، جوردون، و دوجلاس ستيوارت. كيفية قراءة الكتاب المقدس لأنه مستحق، الطبعة الثالثة. جراند رابيدز: زوندرفان 2003.

هنري، كارل ف هـ. الله، و الوحي و السلطان. 6 مجلدات. واكو: وورد، 1976-1983.

ناش، رونالد. كلمة الله و عقل الإنسان. جراند رابيدز: زوندرفان، 1982.

ثيسيلتون، أنتوني س. آفاق جديدة في التأويل. جراند رابيدز: زوندرفان، 1992.

فانهوذير، كيفن ج. هل هناك معنى في هذا النص؟ جراند رابيدز: زوندرفان، 1998.

وارفيلد بنيامين بركنريدج. وحى و سلطان الكتاب المقدس. فيلادلفيا: المشيخية و البروتستانتية 1948.

فيجنر، بول د. رحلة من النصوص إلى الترجمات: أصل و تكوين الكتاب المقدس. جراند رابيدز: بيكر، 1999.

وينهام، جون. إعادة تأريخ متى و مرقس و لوقا. دونرز جروف: إينترفرستي، 1992.

 

الحواشي

1 لقد تجنبت استخدام علامات الاقتباس أو المسافات البادئة لكلماته بشكل مرهق للقراء. و مما يشجع القارئ على الوصول إلى العمل الأصلي في http://ibri.org/reports.htm. ألقى البروفيسور دونزويلير محتويات الكتاب و محاضرتين منفصلتين في فصل الصيف 1977 من معهد اللاهوت الإنجيلي (الملفات الصوتية بصيغة الـ MP3 و الأقراص السمعية المدمجة لمحاضرات المعهد متاحة في كتالوج IBRI). و قد قمت بتقديم المواد معاً في عرض واحد متماسك. و قد طلبت و تلقيت بامتنان إذن من مجلس إدارة معهد بحوث الكتاب المقدس للتخصصات لتقديم هذه المقالة بمثابة تنقيح للكتاب الأصلي. و كمحررة لأبحاث و تقارير معهد IBRI، ساهم دايل بليتيشا بتعليقات و اقتراحات مفيدة جداً.

2 و بطبيعة الحال، فهى تعتبر الزعم "خالية من الخطأ" الذي نتج من المناقشات الشهية بين الإنجيليين الذين تصارعوا مع تعاريف التنزيه عن الخطأ و العصمة والآثار المترتبة على تلك التعاريف. سيقال أكثر عن هذه المسائل أدناه. و يعتبر بقية التعريف كبير في تركيزه على وحدة الحق المعلن و الفعالية الأخلاقية للكلمة الله. تشير "الدينونة" إلى أن كلمة الله حية و فعالة و قادرة تماماً على الحكم على الأفكار و المواقف (عب 4 : 12).

3 القضايا المتعلقة بتكوين العهد الجديد و قانونه هى قضايا معقدة، و لكن عدة عوامل تستحق الاهتمام. إذا كُتبت رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس في منتصف الستينات، يمكننا أن نخلص إلى أن رسائل بولس السابقة مدرجة هنا. و من الجدير بالذكر أن بطرس اشار إلي كتابات بولس ووضعها على قدم المساواة مع غيرها من الكتب المقدسة (2 بط 3: 15-16). على الرغم من أن الأناجيل الإزائية تم تعيين تاريخها ما بعد 70 م الآن، فيمكن تقديم اطروحة أن لوقا و الأعمال كانت مكتوبة قبل سجن بولس في السجن الروماني في أوائل الستينات.  و التي من شأنها أن تشير أيضاً إلى تاريخ سابق لمرقس. انظر جون وينهام، إعادة تأريخ متى و مرقس و لوقا (دونرز جروف: إنترفرستي، 1992). و عندما وعد يسوع الرسل المجتمعين في العشاء الأخير بأن الروح القدس سيعلمهم كل الاشياء و يذكرهم بما قاله (يوحنا 14: 26)، لذا لدينا ضمانات من المصدر الإلهي لكتاباتهم أيضاً. و أخيراً، هناك إشارات متعددة لوضع الشهادة الرسولية على قدم المساواة مع الكلمة النبوية. انظر أفسس 2 : 20 و 2 بطرس 3: 2 كأمثلة.

4 و قد تم فحص صحة كل من هذه الرسائل في بعض الدوائر و تم ارجاع تاريخها حتى وقت لاحق من عمر بولس و بطرس. الموقف الذي لدينا هنا هو أنها كانت مكتوبة على يد بولس و بطرس.

  5 بطبيعة الحال، تعتبر مسألة النية عامل تعقيد في هذه المرحلة؛ فهل كان المقصود من هذه الرواية أن تمثل حدث تاريخي؟ انظر للمزيد من المناقشة أدناه تحت عنوان "التفسير".

  6 انظر ب ب وارفيلد، وحى و سلطان الكتاب المقدس (فيلادلفيا: المشيخية والبروتستانتية، 1948) 154-158.

  7 تُذكر هذه النقطة مراراً وتكراراً من قبل ناش، كلمة الله و عقل الإنسان (جراند رابيدز: زوندرفان، 1992).

8 انظر 2 ااخنوخ 1-22 و 3 باروخ.

9 لعروض ممتازة عن نقد نص العهد القديم، انظر ألان أ ماكراي، "نصوص ومخطوطات العهد القديم،" موسوعة زوندرفان المصورة للكتاب المقدس، طبعة. ميريل س. تيني و ستيفن باراباس (جراند رابيدز: زوندرفان، 1975) 5: 683-697. و بولس د ويجنر، الرحلة من النص إلى الترجمات: أصل و تأسيس الكتاب المقدس (جراند رابيدز: بيكر، 1999)، الفصول 11 و 12.

10 تم تعديل هذه البيانات من عرض الأستاذ دونزويلير الأصلي، قليلاً على أساس ويجنر، رحلة، الفصول 13 و 14.

11 انظر أنتوني س ثيسيلتون، آفاق جديدة في علم التأويل (جراند رابيدز: زوندرفان، 1992).

12 تناول مفيد جداً لهذه القضايا و غيرها في التفسير موجود في كيفن ج فانهوزر، هل هناك معنى في هذا النص؟ (جراند رابيدز: زوندرفان، 1998).

13 واحدة من العلاجات التي يمكن الوصول إليها لهذه المسألة الخاصة بتفسير الأنواع المختلفة الموجودة في النص الكتابي هى جوردون فيي و دوجلاس ستيوارت، كيف تقرأ الكتاب المقدس بكل قيمته، الطبعة الثانية (جراند رابيدز: زوندرفان، 1993).